بقلم ماريا معلوف
الامارات دولة لا يوجد في قاموس قيادتها وشعبها مفردة مستحيل، فقد أصبحت مرادفاً للتفوق والريادة في أي مبادرة تطلقها، وفي أي مشروع تعمل عليه، و حين تقرر استضافة اي فعالية فإنها تبهر العالم في دقة التنظيم وفي إحاطتها بكل التفاصيل الى حد لا يوصف، فبعد التنظيم المذهل بضخامته ودقته لـــــ”إكسبو2020″ في إمارة دبي وسط مراهنات بتأثره بالواقع الاقتصادي العالمي قدمت الامارات نموذج يحتذى.
وفي إطار اهتمامها الشديد في قضية التغيير المناخي، ذهبت الى جعل اقتصادها غير معتمد على الطاقة التقليدية وتحديدا النفط والغاز واتجهت الى الطاقة البديلة والمتجددة، وأطلقت المبادرات المتتالية، ورعت أخرى على مساحة كوكب الأرض، وتحولت الى نقطة المركز في أي جهد عالمي في قضية التغيير المناخي، ونتيجة مثابرة الامارات ومبادراتها اختيرت من أجل استضافة مؤتمر دول الاطراف (كوب28) من 30 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 12 كانون الأول(ديسمبر) 2023، وفي هذا السياق التحضير اعلنت الامارات عن تعيين معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، والرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية ومجموعة شركاتها (أدنوك)، رئيساً لقمة المناخ “كوب 28” الإمارات(COP28)، وهو المبعوث الخاص للإمارات بشأن تغير المناخ، والمتابع لتطلع أبوظبي إلى تحقيق صافي الانبعاثات الصفرية بحلول 2050.
غير أن تعيين الجابر اثار زوبعة مبنية على ردات الفعل فقط لأن الامارات هي المنظمة للقمة، ولأن الجابر نجح في تحقيق وتنفيذ المبادرات في مجال الطاقة المتجددة، وهو رئيس مجلس إدارة شركة “مصدر” في أبوظبي التي تنتج 20 غيغاواط من الطاقة النظيفة، وتعمل على استثمار لزيادة قدرة “مصدر” الانتاجية إلى 100 غيغاواط هو العقد الاستثماري الاضخم في العالم، وهو ضعف الطاقة المتجددة التي تنتجها المملكة المتحدة.
وهو صاحب فكرة إعطاء الدول والشركات المنتجة للنفط دوراً أكبر في محادثات التغيير المناخي العالمية، بدعم من رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وقال الجابر في تصريحات سابقة : إن “الإمارات ستتخذ نهجاً شاملاً يشارك فيه جميع المعنيين من القطاعين العام والخاص”، وأضاف: “الإمارات في وضع جيد لبناء الجسور وتعزيز الإجماع وتوحيد العالم في مهمة واحدة مشتركة للحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية على قيد الحياة”، وأكد الجابر انه يسعى إلى تقديم نهج واقعي وعملي يركز على إيجاد حلول لأزمة المناخ وتغييره، وللعلم فإنه يقوم بدورٍ محوري واساسي في تنمية محفظة أصول الطاقة المتجددة للإمارات وتطويرها وتوسعتها داخلياً وخارجياً.
وفيما حظي تعيين الدكتور سلطان الجابر بترحيب رئيس شؤون المناخ السابق في الأمم المتحدة ايفو دي بوير، الذي أكد أن عمل الجابر في النمو الاخضر والطاقة المتجددة يمنحه “الفهم والخبرة والمسؤولية” لإنجاح كوب28، و في حين قال المتحدث بإسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن رئيس قمة المناخ يتم اختياره من قبل الدولة المضيفة دون مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أو الأمانة العامة لإتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
وهذا الكلام يؤشر على ان قرار التعيين هو قرار سيادي إماراتي صرف وليس لأحد التعليق او الاعتراض عليه، فالأمور تقاس بالافعال وليس مجرد بالتنظير الذي ذهب اليه المعترضين على تعيينه، فماحققه سلطان الجابر في إطار تفعيل الطاقة المتجددة والاعتماد عليها، استناداً إلى الخطة الطموحة التي اطلقتها الامارات في مجال الطاقة لاسيما المتجددة بتوجيه من رئيس الامارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وبمتابعة من الدكتور الجابر، وهي أكبر رد على المعترضين الذين لم يجدو سوى انه رئيس أدنوك، ونقول رداً على السيدة ليزا شيبر المتخصصة في الجغرافيا البيئية التي قالت : “من الواضح أن تعيين رئيس تنفيذي في قطاع النفط مسؤولا عن المفاوضات الخاصة بمؤتمر كوب28 يشكل تضاربا في المصالح”، كيف يكون ذلك وهو الذي سعى لإشراك القطاع الخاص في ايجاد الحلول وليس فقط التنظير، فهو يتمتع بخبرة في مجال الأعمال الصديقة للبيئة والمشرف على تبني الموارد المتجددة، وعلى تسريع استراتيجية خفض الانبعاثات الكربونية في أدنوك.
وكي لا نطيل نقول لكل معترض ان تعيين الدكتور سلطان الجابر هو قرار سيادي إماراتي، والإمارات تترجم اقوالها في حماية المناخ بالفعل وليس عبر التصريحات، فهل اتضحت الصورة ؟