شراكة استثنائية ضمن استراتيجية الإمارات لتنمية المنطقة والعالم

بقلم: ماريا معلوف

تزامناً مع إحتفال الامارات وتركيا بمرور 50 عاماً على بدء العلاقات الدبلوماسية بينهما، والتي شَهدت زخماً كبيراً خلال الأشهر الثمانية عشر الماضِية حيث تُوّجَت بزيارات متبادلة بين قيادتي البلدين، فكانت زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى أنقرة قبيل توليه مقاليد رئاسة الإمارات وتلتها زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فكانت تلك الزيارات إشارة إنطلاق فجر جديد من العلاقات البينية بين البلدين، خصوصاً وأن الروابط العميقة التي تجمع بينهما قائمة على التفاهم والاحترام المتبادل، وإنطلاقا من عمق تلك العلاقات وتجذرها وقعت الإمارات وتركيا اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، سيتم بموجبها إلغاء الرسوم الجمركية أو إلغاؤها عن 93% من المبادلات التجارية غير النفطية بين البلدين، حيث من المأمول ان تصل قيمة هذه المبادلات إلى 40 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.

فقد تمت صياغة اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا بطريقة تحقق المنفعة والمصالح المشتركة، كما تعمل على تحفيز النمو الاقتصادي طويل الأمد والمستدام والشامل في كلا من أبوظبي وأنقرة، إذ تلغي الاتفاقية أو تخفض الرسوم الجمركية على 82% من السلع والمنتجات، بما يشمل القطاعات الرئيسية مثل المقاولات والمعادن ومنتجاتها والبوليمرات والمنتجات التصنيعية الأخرى.

ويرى مراقبون إقتصاديون ان الاتفاقية ستساهم في زيادة التجارة البينية بين الإمارات وتركيا غير النفطية إلى 40 مليار دولار سنوياً في غضون خمسة أعوام، كما ستخلق 25000 فرصة عمل جديدة بحلول 2031، وتزيد من الصادرات الإماراتية إلى تركيا بنسبة 21.7%، والجدير ذكره ان التجارة البينية غير النفطية بين البلدين  وصلت إلى 18.9 مليار دولار عام 2022، ونمت بنسبة 40% مقارنة بعام 2021، وأصبحت بنتيجتها تركيا الشريك الأسرع نمواً بين أكبر 10 شركاء تجاريين للإمارات، وفق ما ذكره الشيخ محمد بن زايد، فوفق الأرقام بلغت قيمة الصادرات غير النفطية إلى تركيا 5.6 مليار دولار عام 2022، بزيادة 109% مقارنة بعام 2021، بينما نمت قيمة عمليات إعادة التصدير من الإمارات إلى العالم بنسبة 87% لتصل إلى 2.3 مليار دولار عام 2022.

وقد شهد توقيع اتفاقية الشراكة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات والرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال قمة عقداها عبر تقنية الاتصال المرئي، ووقع الاتفاقية ممثلاً الإمارات معالي عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد ومعالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، فيما وقعها ممثلاً لتركيا معالي محمد موش وزير التجارة.

ففي كلمته قال الشيخ محمد بن زايد” “نهنئ أنفسنا بتوقيع الاتفاقية التي نعتبرها اتفاقية استثنائية مع بلد عزيز وصديق” وجدد رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد وقوف الإمارات إلى جانب تركيا معيناً ومساعداً، وأكد أن الاتفاقية تعبر عن الإرادة المشتركة لانطلاق مرحلة جديدة للعلاقات بين بلدينا في مختلف المجالات، وأنها ستسهم في تعزيز أواصر التعاون الاقتصادي، ودفع مسيرة التنمية في البلدين نحو مستقبلٍ مُشرق، فهي لا تستهدف فقط تحفيز التبادل التجاري والاستثماري والنمو الاقتصادي المشترك، بما يعزز جودة حياة الشعبين الصديقين، وإنما تؤسس لشراكة تنموية حقيقية وبناء مصالح مشتركة وتوطيد علاقات إستراتيجية أكثر قوة ومتانة بين البلدين، خصوصاً أن توجه الإمارات تعزيز الشراكات التنموية ليس فقط في منطقة شرق المتوسط وإنما في العالم، بما يدعم السلام والتعاون ويحقق تطلعات الشعوب نحو التنمية والاستقرار والازدهار.

من جانبه قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: ” نكتب معاً فصلاً جديداً في علاقاتنا مع الإمارات” مشيراً إلى أن الجهود المشتركة للجانبين تستهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية والتي تقوم على تاريخ مشترك.

وأشاد الرئيس رجب طيب أردوغان بالدعم الذي تقدمه الإمارات إلى تركيا منذ اليوم الأول للزلزال مثمنا الجهود التي بذلتها فرق البحث والإنقاذ الإماراتية في مناطق الزلزال بجانب الدعم الكبير الذي تقدمه المستشفيات الميدانية التي أقامتها الإمارات وخدماتها في هذه المناطق.

وعليه بهذه الإتفاقية يستهل البلدين مرحلة جديدة من التعاون الثنائي الذي سيسهم بالتأكيد الى تحفيز التبادل التجاري والتدفقات الاستثمارية، إضافة إلى خلق الفرص المشتركة في القطاعات ذات الأولوية في الإمارات وتركيا، فالاتفاقية توضح رؤية الإمارات الاستراتيجية في خلق إقتصاد المستقبل الغير نفطي مع تركيا والعالم.

Related Posts