الإمارات وتشيلي والشراكة المستدامة

بقلم:خليل القاضي

تسعى الإمارات إلى تعزيز حضورها الدولي من خلال شراكات موثوقة، مما يضمن التنمية المستدامة. زيارة رئيس تشيلي غابرييل بوريك فونت إلى الإمارات تعكس العلاقات الثنائية الممتدة منذ 1978، وتهدف إلى توسيع التعاون في مختلف المجالات. تضمنت الزيارة توقيع “اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة” التي تساهم في تحفيز التجارة والاستثمارات بين البلدين. هذا التعاون يعزز مكانة الإمارات كركيزة رئيسية للتعاون الدولي، ويساهم في تحقيق مستقبل مستدام للبشرية.

*تصحيح اللغة:*

من ينظر إلى الحركة الدبلوماسية التي تشهدها الإمارات وكيف أنها قبلة دول العالم التي تسعى إلى تعزيز حضورها من خلال شراكتها معها، يخلص إلى القول إن الإمارات الدولة الأكثر موثوقية في العالم، وأن من يدخل في شراكة معها فإنه بالتأكيد يضمن لبلاده التنمية المستدامة، وهذا ما عكسته زيارة رئيس تشيلي غابرييل بوريك فونت، إلى الإمارات من أجل ترسيخ العلاقات الثنائية الممتدة على مدار أربعة عقود ونيف، حيث قامت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في حزيران (يونيو) 1978، وبالتالي يرى مصدر مواكب لزيارة الرئيس التشيلي إلى أبوظبي أنها تفتح آفاق واعدة وفصلاً جديداً من تلك العلاقات وفي مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والثقافية. كما أن الزيارة شهدت أول قمة تجمع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد مع نظيره الرئيس التشيلي غابرييل بوريك فونت منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، ويرى المصدر أنها تشكل دفعة قوية لتطوير العلاقات إضافة إلى آليات التعاون المشترك بين البلدين، وهذا ما سيخدم أولويات التنمية والازدهار في البلدين، وهو ما يتوافق مع النهج والجهد الإماراتي من أجل تعزيز التعاون الدولي وذلك في إطار تحقيق مستقبل مستدام للبشرية بشكل عام.

وقبل الخوض في ما تحقق خلال الزيارة وما جرى توقيعه من اتفاقيات ثنائية، لابد من الإشارة سريعاً إلى تاريخ العلاقات بين الإمارات وتشيلي حيث تأسست العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات وتشيلي في حزيران (يونيو) 1978، غير أن العلاقات الثنائية شهدت في العقدين المنصرمين تطورات كبيرة ومطردة، حيث افتتحت تشيلي مكتباً تجارياً لها في دبي عام 2006، في حين أعلنت الإمارات عن افتتاح سفارتها في نيسان (أبريل) 2009، وافتتحتها في العاصمة التشيلية “سانتياغو” في حزيران (يونيو) 2011.

ويرى مصدر دبلوماسي مواكب أن زيارة الرئيس غابرييل بوريك فونت إلى الإمارات حظيت بأهمية خاصة نظراً لوجود رغبة ثنائية في توسيع وزيادة مساحة التعاون المشترك بين البلدين، بما يحقق التنمية المستدامة التي تساهم في ازدهار البلدين وتعزز السلام بينهما. كما تعكس حرص الإمارات وتشيلي على تعميق وترسيخ العلاقات الثنائية، خصوصاً بعد نجاح المفاوضات الثنائية للوصول إلى اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في نيسان (أبريل) 2024. وما الزيارة التي قام بها الرئيس التشيلي إلى الإمارات إلا اعتراف بمكانة ومحورية الدور الإماراتي في المنطقة والعالم، وهي تأتي في سياق الحراك الدبلوماسي النشط من أجل توسعة أبوظبي لتنويع علاقاتها الدولية مع مختلف جهات العالم، إن في أفريقيا أو أوروبا أو آسيا أو الأميركتين الشمالية والجنوبية، وهذه الدبلوماسية رسخت مكانة الإمارات خارجياً. كما يرى مراقبون أن زيارة الرئيس التشيلي إلى الإمارات تشكل “صفحة جديدة” في مسيرة علاقات الإمارات بأميركا الجنوبية ودولها.

في حين رأى مصدر خليجي أن الإمارات تُعتبر ركيزة رئيسية للتعاون الخليجي اللاتيني، حيث بذلت جهوداً مستدامة من أجل تنويع وتقوية شراكاتها مع أميركا الجنوبية، إن على الصعيد السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي وحتى الثقافي، وهذا ما يعزز ويرسخ مكانة الإمارات على مستوى العالم وذلك كونها لاعباً إقليمياً ودولياً مؤثراً ومحورياً في كافة قضايا المنطقة والعالم.

والجدير ذكره أن الإمارات هي أول دولة في الشرق الأوسط توقع مع تشيلي اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، حيث شهد رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس تشيلي غابرييل بوريك فونت، مراسم توقيع “اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة” بين الإمارات وتشيلي، وتهدف الاتفاقية إلى تحفيز التجارة البينية بين البلدين لا سيما غير النفطية وذلك من خلال إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية، إضافة إلى إزالة الحواجز أمام التجارة وتبسيط الإجراءات الجمركية، وتأسيس مسارات من أجل تدفق الاستثمارات والتعاون، ناهيكم عن توفير منصة للقطاع الخاص في الجانبين لبناء الشراكات.

وفي هذا الإطار أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن الإمارات تواصل نهجها الثابت في بناء شراكات تنموية حول العالم بما يحقق مصالح الشعوب ويوفر الفرص للأجيال القادمة، وذلك انطلاقاً من إيمانها الراسخ بأهمية تعزيز التعاون البنّاء بين دول العالم والذي يضمن تحقيق مستقبل أفضل للجميع يسوده السلام والاستقرار والازدهار. وأكد أن الإمارات حريصة على توسيع شبكة شركائها التجاريين والاستثماريين حول العالم من خلال “برنامج الاتفاقيات الاقتصادية الشاملة” الذي يستهدف تحفيز التنوع والنمو المستدام للاقتصاد الإماراتي على المدى الطويل.

في حين رحب الرئيس غابريل بوريك فونت بتوقيع “اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة” مع الإمارات، وقال إنها خطوة نوعية في مسار علاقاتهما وستسهم في تنمية آفاق تجارتهما وتنويع مصادر استثماراتهما، خاصة في مجالات الاستدامة. وتعد اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع تشيلي هي الثانية التي توقعها الإمارات مع دول أميركا الجنوبية بعد توقيعها اتفاقية مماثلة مع كولومبيا في نيسان (أبريل) الماضي. كما شهدت الزيارة الإعلان عن عدد من مذكرات التفاهم التي تهدف إلى توسيع آفاق التعاون بين البلدين، وتشمل كافة المجالات من الأمن الغذائي والاستثمار في الأغذية الزراعية، إلى التعاون في مجال الاستثمار في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والبحوث والأنشطة الفضائية، إضافة إلى إعلان نوايا في مجال التعدين.

إذاً، الشراكة الإماراتية التشيلية هي شراكة مستدامة تجسد القيم والتوجهات التي تعمل الإمارات من أجل ترسيخها عبر تعزيز ثقافة السلام والحوار والدبلوماسية النشطة.

Related Posts