بقلم: د. حافظ الزين
كاتب سياسي وخبير اقتصادي
لقد وقع الجميع في المصيدة، وأعادوا الفكر المتأسلم المقلوب إلى الواجهة، وإلى الوهج من جديد.
إن الفكر المتأسلم المقلوب تمثّله بيوت الإرهاب العالمية، التي تأسّست أولا في عام 1926، تحت لافتة التنظيم العالمي للإخوان المسلمين (المتأسلمين)،
وحملت راياته وساقت قوافله على مدار تلك السنوات كل من دولة قطر وتركيا.
أما الثانية، فقد تم تأسيسها في عام 1979، لحظة ميلاد ما يُسمّى بالثورة الإيرانية الإسلامية، تحت لافتة “ولاية الفقيه”،
تلك الثورة العوراء الكذوب.
بالأمس وقبله، وقع حتى المستنيرون في المصيدة المزدوجة، التي بناها بمنتهى المكر والخبث والدهاء الفكر الإرهابي النتن، المتمثّل في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين (المتأسلمين) من جهة، وولاية الفقيه من جهة أخرى.
في عمليتها العرجاء والباهتة الأخيرة “النسر الجريح”، قامت إيران بضرب القاعدة الأمريكية العسكرية المتقدّمة والعملاقة في “العديد” بالدوحة.
وعلى إثر ذلك، تسابق المستنيرون في تدبيج بيانات الإدانة لاعتداء إيران على السيادة القطرية.
لكن كان من الأجدر بالمستنيرين أن يتحرّوا، وأن يطرحوا الأسئلة التالية، ثم يجيبوا عليها، ومن بعد ذلك يتّخذوا قرارهم:
إما بتبنّي سياسة التغابي، أو سياسة الدعم والتعاطف والاصطفاف.
لقد انطبق على المستنيرين، فيما يتعلّق بحيثيات عملية “النسر الجريح”، المثل الشعبي السوداني: الأطرش في الزفّة.
ومن بين تلك الأسئلة المشار إليها، وفي إطار هذا السياق، أهمها ما يلي:
1 – لماذا قامت إيران بضرب القاعدة العسكرية المتقدّمة في “العديد” تحديدًا، وبانتقاء محسوب؟
2 – لماذا لم تضرب إيران، في عمليتها العسكرية “النسر الجريح”، القواعد الأمريكية في كلٍّ من السعودية والإمارات والبحرين؟
3 – هل كانت الإدارة الأمريكية، ممثّلة في الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والبيت الأبيض، والبنتاغون، ووكالة الاستخبارات الـ CIA، على علم بعملية “النسر الجريح”؟
4 – هل هناك صفقة أو اتفاق واسع النطاق لتنفيذ عملية “النسر الجريح”، التي قضت بضرب قاعدة “العديد” الأمريكية؟
5 – ما الذي تضيفه عملية “النسر الجريح” وحرب “الـ12 يومًا” إلى معطيات وميكانيزمات “تحالف السودان التأسيسي – نيروبي 2025” في قادم الأيام والأسابيع؟
6 – لماذا لم نخرج، نحن البائسين والمعذّبين في الأرض، في مسيرات هادرة تدعم إسرائيل في حرب الـ12 يومًا؟
إسرائيل، الدولة التي أسّسها منذ الأزل أبونا وسيدنا إبراهيم عليه السلام، والذي سمّانا “المسلمين”؟
غدًا، ستُجيب رافعة الأقدار العصية ومخابئ الفن الاستخباراتي العريق على الأسئلة التي طُرحت أعلاه، وحتى ذلك الوقت، سيدرك المستنيرون أنهم وقعوا في مصيدة عملية “النسر الجريح”،
ولا يملكون بُدًّا سوى أن يغنّوا مقطع أغنية الفنان خضر بشير:
خدعوك وجرحوا سمعتك
نور وجنتيك
طَفَّتن مزارف دمعتك.