توصية أممية لتعميم التجربة الإماراتية

*بقلم: ماريا معلوف*

أدى التطور التكنولوجي والتقني في العالم، الذي طال كافة المجالات، إلى جعل البشرية أمام تحد من نوع آخر يؤثر وسيؤثر على كافة مناحي الحياة. ونتيجة لذلك التطور الذي بلغ حد تطوير برامج الذكاء الاصطناعي، أصبح هذا المجال خلال سنوات قليلة مجالًا للاستثمار وتطوير الاقتصاد لأي دولة تطمح لتصدر المشهدين العلمي والاقتصادي. فالاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي هو استثمار في اقتصاد المعرفة، وهو اقتصاد المستقبل. مما دفع العديد من الدول، بالإضافة إلى الشركات، للاستثمار فيه، خاصة وأن الذكاء الاصطناعي اقتحم كافة جوانب الاقتصاد والصناعة من أجل تنويع استثماراتها وتطوير كافة أعمالها، وصولاً إلى إقامة أنظمة يمكنها الاستفادة من البيانات المتاحة لتقديم خدمات متطورة ترفع من مستوى الأداء لتلك الدول والشركات، بهدف تعزيز حضورها في الأسواق العالمية بالإضافة إلى تحسين جودة الإنتاج.

يوفر استخدام المطورين للذكاء الاصطناعي تحسينًا في أداء المهام التي يتم تنفيذها يدويًا، ولكن بكفاءة أكبر. والجدير ذكره أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وفر حلولًا للعديد من المشكلات التي كانت تواجه العملاء وساعدهم في تطوير نمط أعمالهم. كما وفرت تقنية الذكاء الاصطناعي أساليب مبتكرة لتحسين أداء المؤسسات وإنتاجيتها سواء في القطاع الخاص أو العام، من خلال أتمتة العمليات أو المهام التي كانت تتطلب في الماضي تدخلًا وجهدًا من الإنسان.

وفي هذا الإطار، حققت الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي ريادة وتميزًا بلغ حد الانفراد من خلال الاستثمار في الأفراد، أي في الإنسان، كونه القاعدة الأساسية للتطوير والنجاح، إضافة إلى الاستثمار في القطاعات الاقتصادية كافة، وذلك من خلال إطلاق وتبني “استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031”. تهدف هذه الاستراتيجية إلى ترسيخ الجهود الإماراتية وتعزيز مكانتها العالمية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية وعلوم المستقبل واقتصاد المعرفة وإنترنت الأشياء، مما سيساهم في التطور التكنولوجي وبالتالي تحسين حياة الإنسان والمجتمع.

ونتيجة نجاح التجربة الإماراتية وتميزها الذي أصبح علامة فارقة على مستوى العالم، أتت توصية جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان إلى كافة هيئات ومنظمات وحتى آليات الأمم المتحدة، من أجل ضمان تحقيق العدالة الرقمية في العالم، وتسخير التقنيات الحديثة والناشئة، ومن أجل تسريع وتيرة تنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والاستفادة من التجربة الإماراتية الرائدة في تحقيق العدالة الرقمية من خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي.

هذا وأكدت رئيسة جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان، الدكتورة فاطمة خليفة الكعبي، في كلمتها خلال مشاركتها في أعمال الدورة “56” لمجلس حقوق الإنسان في مقر الأمم المتحدة في جنيف، على أهمية ضمان تحقيق العدالة الرقمية في العالم، وتسخير التقنيات الحديثة والناشئة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والعمل على تسريع عملية تنفيذ التزامات الدول المتعلقة بخطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030.

وأشادت الدكتورة الكعبي بجهود الأمم المتحدة التي وضعت هذه القضايا في صدارة أولويات “قمة المستقبل” المرتقبة في مدينة نيويورك نهاية العام الجاري، ودعت إلى ضرورة التركيز على تسريع تنفيذ الالتزامات القائمة، من أجل استعادة الثقة العالمية بشأنها، وبالتالي تعزيز آليات الحوكمة العالمية. وأشارت الدكتورة الكعبي إلى الإنجازات الرائدة التي حققتها الإمارات من أجل ضمان الالتزام بالنهج الإنساني في استخدام التقنيات الرقمية الحديثة والناشئة، وتوظيف الذكاء الاصطناعي، مما سيساهم في خلق الشراكات الاستراتيجية الفاعلة، كما هو الحال مع “استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي” التي تهدف لتحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071.

من المتوقع أن تصل مساهمة الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد العالمي إلى 15.7 تريليون دولار بحلول عام 2030، فيما سيصل تأثيره في منطقة الشرق الأوسط إلى 320 مليار دولار خلال نفس الفترة. ويتوقع الخبراء أن تشهد الإمارات التأثير الأكبر للذكاء الاصطناعي في المنطقة بما يقارب 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات لعام 2030.

أما على صعيد الشركات الإماراتية العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، كشف الرئيس التنفيذي لـ«إي آند» حاتم دويدار، أن الشركة استطاعت توسيع عملياتها لتشمل 32 دولة حول العالم. وأشار دويدار إلى أن «إي آند» تضع الريادة الرقمية في قائمة أولوياتها، حيث تكثِّف استثماراتها في التقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، حيث قامت “إي آند” بتنفيذ أكثر من 460 تطبيقًا مختلفًا للذكاء الاصطناعي في الإمارات فقط.

إذا، تلك التوصية لم تأت من فراغ وإنما مستندة إلى تجربة رائدة في توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي من أجل تحسين جودة الحياة التي ينشدها أي إنسان على وجه الكوكب. والنجاح الإماراتي هو المحفز للعالم للمضي على نهج الإمارات، الذي يتأكد يومًا بعد آخر أنه نهج يوفر الاستدامة البشرية والتنمية في كافة المجالات.

Related Posts