بقلم: ماريا معلوف
كما كان متوقعاً من قبل المراقبين، ذهبت الأمور في البحر الأحمر نحو تصعيد يراه اولئك المتابعين هو الأخطر بعد ان ذهبت ميليشيات الحوثي الى اعتراض وحجز اي سفينة متجهة الى إسرائيل، حتى لو لم تكن ترفع علم إسرائيل، وهذا الأمر وجدت فيه دول العالم تهديد للملاحة البحرية الدولية،
ما دفع الولايات الى إنشاء ما اسمته حلف “حارس الإزدهار” دون ان يضم اي دولة لها شواطئ على البحر الأحمر، وضم الحلف عشرة دول من ضمنهم البحرين، وكانت النصيحة السعودية للولايات المتحدة ان لا تستمع للعقول الحامية في إدارة الرئيس جو بايدن وان الدبلوماسية والحوار هي الحل لنزع فتيل الازمة من جذورها، حيث انه من وجهة نظر قادة الرياض وابوظبي ان حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه وقيام دولة فلسطينية ذات سيادة ضمن حدود الرابع من حزيران 1967، على أن يسبق ذلك وقف اطلاق نار فوري وفتح المعابر لدخول المساعدات الانسانية بشكل أكبر، وهنا يستحضرني المقال الأخير للأمير تركي الفيصل الذي نشر في جريدة الشرق الأوسط يوم الإثنين في 8 كانون الثاني/يناير 2024، فالأمير قدم خريطة طريق للحل المنشود يتطابق والرؤية السعودية، وعلى أصحاب العقول الساعين للحل التوقف عند كلام الأمير تركي الفيصل ملياً.
لكن الأمور على الأرض تدحرجت وتغلبت العقول الحامية في كل من بريطانيا والولايات المتحدة وذهبت الدولتان بقيادة حلف الإزدهار الى شن ضربات وصفتها القيادات العسكرية في لندن وواشنطن بالدقيقة ضد مواقع للحوثي في اليمن، وفي هذا الشأن قال المتحدث العسكري باسم ميليشيات الحوثيين، العميد يحيى سريع، إن الضربات التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة ستة آخرين، وان بريطانيا والولايات المتحدة شنتا 73 غارة استهدفت العاصمة صنعاء، ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة.
هذا وتهدف كل من بريطانيا والولايات المتحدة الى لجم تهور الحوثي لجهة تهديده الملاحة البحرية، غير ان هذا الأمر ردت عليه ميليشيات الحوثي بالتأكيد على استمرارها في منع السفن الإسرائيلية المتجهة إلى موانئ إسرائيل من الملاحة في البحرين العربي والأحمر، وعليه يطرح السؤال هل أدت الضربات البريطانية الاميركية هدفها؟ وعليه في إطار الإجابة على هذا التساؤل، نجد ان تلك الضربات لاقت إدانات وعلى رأسها التي صدرت من روسيا حيث قالت ان تلك الضربات ستؤدي إلى تصعيد التوترات في الشرق الأوسط والبحر الأحمر، وتظهر تجاهلا تاما للقانون الدولي، كما دعت إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث القضية، كما دعت السعودية إلى ضبط النفس و”تجنب التصعيد”، وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان: “تؤكد المملكة على أهمية الحفاظ على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر، حيث أن حرية الملاحة فيها مطلب دولي”، وأضافت الرياض انها تراقب الوضع بقلق بالغ. هذا في وقت نفى المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع السعودية، ما تم تداوله في الإعلام عن وصول قوات أجنبية إلى قاعدة الملك فهد الجوية في محافظة الطائف.
من جهتها أدانت إيران التي توفر الحماية والرعاية للحوثي ان تلك الهجمات تشكل انتهاكا واضحا لسيادة اليمن ووحدة أراضيه وانتهاكا للقوانين الدولية، ولن تؤدي إلا إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، كما أعربت مصر عن قلقها إزاء الغارات الجوية على مواقع باليمن، وجددت تحذيرها من مخاطر توسيع رقعة الصراع نتيجة استمرار الحرب في غزة.
وعلى المقلب الآخر وفي بيان مشترك، أعلنت الولايات المتحدة وأستراليا والبحرين وكندا والدانمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية وبريطانيا، أن “هدفنا يبقى متمثلا في تهدئة التوتر واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر”.
هذا واعتبر وزير الدولة البريطاني للقوات المسلحة، جيمس هيبي، الضربات “مشروعة ودفاعا عن النفس”، وقال: “لا يمكننا أن نسمح للحوثيين باستخدام التجارة العالمية كرهينة”، في وقت قال الرئيس الأميركي جو بايدن، إن القوات الأمريكية “بالتعاون مع بريطانيا وبدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا” نفذت هجمات، ضد “عدد من الأهداف في اليمن التي يستخدمها المتمردون الحوثيون لتعريض حرية الملاحة في أحد الممرات المائية الأكثر حيوية في العالم للخطر”، وأضاف الرئيس بايدن في بيان مكتوب: “إن الإجراء الدفاعي اليوم يأتي في أعقاب الهجمات المتصاعدة للمتمردين الحوثيين ضد السفن التجارية”، وأضاف الرئيس بايدن: “لن أتردد في توجيه المزيد من الإجراءات لحماية شعبنا والتدفق الحر للتجارة الدولية حسب الضرورة”. أما رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك فقال بالتزامن مع تصريح بايدن ان سلاح الجو الملكي شارك في الهجمات على “المرافق التي يستخدمها المتمردون الحوثيون في اليمن، وبريطانيا ستدافع دائما عن حرية الملاحة والتدفق الحر للتجارة.
وفي المعلومات حول الضربة التي نفذت قالت واشنطن انها نفذت ضربات متعمدة على أكثر من 60 هدفا في 16 موقعا للحوثيين، وأنها استخدمت أكثر من 100 ذخيرة موجهة بدقة “من أنواع مختلفة”. في حين أرسلت بريطانيا أربع طائرات تايفون تابعة لسلاح الجو الملكي من قبرص، تحمل قنابل موجهة من طراز Paveway IV، ولم تذكر عدد القنابل التي تم إطلاقها.
واستناداً الى ما سبق يرى المراقبون ان الهجمات على المواقع العسكرية هي هجمات رمزية، وان الهدف منها هو إرسال رسالة واضحة للحوثيين مفادها أن الغرب مستعد لاتخاذ إجراءات، إذا استمرت ميليشيات الحوثي في تعطيل طرق الشحن في البحر الأحمر.