بقلم ماريا معلوف
يقول المثل السوداني من صبر ظفر ومن لج كفر. لعل هذا المثل يمثل حال الفريق عبد الفتاح البرهان الذي من كثرة اخفاقاته واستعجاله وصل به الأمر الى افتعال خلاف مع الإمارات ، وذلك في إطار محاولته لإستقطاب دعم خارجي، وذلك في تعبير صارخ عن حالة اليأس التي وصل اليها البرهان، فعاد الى اسلوبه الإرتجالي في افتعال الأزمات كونها توفر له حسب ظنه مخرجاً وبالتالي يهرب الى الأمام، ولم يكتف بذلك بل شجع من هم حوله الى الاقتداء به ، خصوصا وان البرهان هو تحت ضغط رؤساء الدول الأعضاء في الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) الذين فرضوا عليه في القمة الطارئة لـــ(إيغاد) ضرورة التجاوب مع الخارطة السياسية التي اقترحتها، ويقول المراقبون للشأن السوداني ان لا مفر للبرهان ومن معه الا الخضوع لإرادة القوى الإقليمية والدولية.
لذا صور له عقله أن طلبه من 15 دبلوماسيّا إماراتيّا مغادرة الاراضي السودانية سيقربه من دول أخرى في المنطقة يفترض أنها على خلاف مع الإمارات، وبالتالي تقوم بإحتضانه وتقوم بتقديم الدعم له بعد إنتظار طويل ، واقول لكم ان عقله صور له ايضاً ان هذا التصرف إضافة الى اعطائه الضوء الأخضر لمساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق ياسر العطا بالتهجم على الامارات لعل ذلك يساعده وفريقه في تبرير هزائمه العسكرية المتتالية أمام قوات الدعم السريع.
فالامارات التي لا طالما طلبت بتسليم السلطة الى حكومة مدنية، وهو الأمر الذي لا يقبله البرهان ومن معه وذلك تماشياً مع أجندة حزب المؤتمر الوطني المنحل وقيادات النظام السابق الذي كان متلحفاً بفكر الإخوان المسلمين، وهنا بيت القصيد فالإمارات وهي أكثر دول المنطقة إن لم نقل في العالم فهما لألاعيب وخبث الإخوان المسلمين الذي يتحملون كل الويلات التي حلت في السودان واينما ما حلوا.
وكشف مراقبون ان البرهان تسبب بإرتجالاته السياسية الى إرباك الساحة السودانية ، ولم يكتف بذلك بل أساء الى المؤسسة العسكرية حيث جعلها أداة خاضعة للحركة الإسلامية، وجعلها مطية لفلول النظام السابق وحاملي الفكر الاخواني في الجيش السوداني والتي لا توفر جهد من أجل اختلاق الأزمات والتنصل من أي التزام وذلك جرياً على نهج الاخوان بعدم احترام العهود والمواثيق.
فاذا عرف السبب بطل العجب، فقد كشفت الوقائع ان التحركات والخطابات التي طالت الإمارات تزامنت مع زيارة قام بها السفير التركي في السودان إلى ميناء سواكن، ما يوحي بأن هناك رهانات للبرهان على أنقرة ودولة أخرى حليفة لها وهنا استوقفني تأكيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم صلاح الدين الدومة أن الأزمة الراهنة سببها التصريحات غير المسؤولة للجنرال ياسر العطا بعد أن تحدث في أمور شائكة باعتباره رجلا عاديا وليس مسؤولا في الدولة السودانية، وهو ما قاد إلى توتر قد يتصاعد مستقبلاً، لافتا إلى أن فلول البشير لا تجيد التعاملات الدبلوماسية السلمية وكان يمكن أن يبعث أي مسؤول بإشارات مفهومة للرأي العام المحلي أو الدولي لكن ما جرى تسبب في أزمة دبلوماسية دون أن يمتلك دليلا على ما ورد في حديثه.
وقال الدومة أن “أعضاء مجلس السيادة في السودان يواجهون مشكلة انعدام الحس السياسي، وبدلاً من التخفيف من حدة الأزمة أو تطويقها مضوا في طريقهم نحو خلق علاقة صفرية مع دولة بحجم الإمارات. والاتجاه إلى معاداة الدول أو العمل لمصلحة دول أخرى دون إيجاد مسافات وسطى تضمن مصالح السودان يشكل تاريخا لفلول البشير التي لا تمثل الدولة السودانية”.
هذا ويخرج علينا من يدعي انه اعلامي مصري غيور على الأمن القومي المصري ويسهب في شرح أهمية تصريحات العطا، كما لو أنه وجد حلاً او اكتشف أحد الاسرار الكونية، فيما هو في الواقع ينفذ اجندة هدفها الهجوم على الامارات، خدمة لمن يموله وكأن لا يكفينا المراهقة السياسية للبرهان وفريقه حتى ابتلينا بمراهقين اعلاميين يحاصروا علينا بالشرف .