الإمارات والأمن الغذائي العالمي المستدام

بقلم: ماريا معلوف

حظيت مسألة الأمن الغذائي بإهتمام قيادة الإمارات، نظراً لأهميتها وتأثيرها ليس فقط على عليها وإنما على العالم، بسبب انعكاسات وتداعيات التغير المناخي، ما دفع بالإمارات الى تصدر المشهد من أجل إيجاد الحلول المستدامة لأزمة الأمن الغذائي، وفي إطار مساعيها تلك بادرت الى إنشاء مجلس الإمارات للأمن الغذائي، كما أنها قامت بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051، التي تهدف إلى تطوير الإنتاج المحلي الى مستدام معزز بالتكنولوجيا الكاملة ضمن سلسلة القيمة، إضافة إلى تكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء، ناهيكم عن النظام الوطني للزراعة المستدامة، ولا ننسى دليل نبض الاستزراع السمكي 2020، إضافة إلى بنك الإمارات للطعام، كما قامت بوضع القانون الاتحادي لتنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في حالات الطوارئ والأزمات، وأطلقت برنامج رواد الغذاء والزراعة.

وكل ما سبق يأتي في سياق تسريع الخطى الإماراتية بما يتعلق بملف التحول العالمي نحو النظم الغذائية والزراعية المستدامة، ونظراً لتلك الأهمية عمدت الإمارات كونها تتولى رئاسة مؤتمر كوب 28 الى إدراج مسألة الأمن الغذائي على جدول أعمال المؤتمر الذي تستضيفه الإمارات في إكسبو دبي بين 30 تشرين الثاني (نوفمبر) و12 كانون الأول(ديسمبر) 2023.

هذا في وقت كشف تقرير «حالة الأغذية والزراعة عام 2023» الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، أهمية الدور الذي تقوم به الإمارات على صعيد النظم الزراعية والغذائية في العالم، خصوصاً لجهة التكاليف الكبيرة المباشرة وغير المباشرة على الصحة والبيئة والمجتمع بما يفوق الـــ 10 تريليونات دولار في السنة على الأقل.

وكشف التقرير الأممي الذي شمل 154 بلداً، أن 70 في المئة لتلك التكاليف غير المباشرة أو المستترة تتسبب بها الأنماط الغذائية غير الصحية التي تؤدي أمراض تساهم في رفع الفاتورة الصحية، كما أوضح التقرير أن واحد على خمسة من التكاليف يتسبب بها الانبعاث الكربوني الذي يساهم في الاحتباس الحراري، ويترك تأثيره على الأراضي الزراعية في جميع دول العالم.

وبالعودة الى الدور الإماراتي نجد أنها أطلقت العديد من المبادرات الرائدة في إطار مساهمتها في تسريع التحول العالمي نحو النظم الغذائية والزراعية المستدامة، ومن هنا أتى الإعلان عن «برنامج مؤتمر الأطراف COP28 للنظم الغذائية والزراعة»، والذي يهدف إلى تعزيز جهود تحول النظم الغذائية والزراعية العالمية، كما دعت رئاسة مؤتمر كوب 28 جميع دول العالم إلى زيادة الالتزام بتوسيع نطاق الحلول و تركيز الاستثمار والشراكات في الأفكار التحويلية، وذلك من أجل تشجيع قادة العالم الى توقيع «إعلان القادة حول النظم الغذائية والزراعة والعمل المناخي»، والذي تلتزم من خلاله دول العالم بتحول النظم الغذائية، وأن تتعهد بالسعي لإيجاد حلول مبتكرة وطموحة للقضايا المتعلقة بالأغذية.

واللافت أن الإمارات من خلال رئاستها مؤتمر كوب 28، دعت المنتجين والعاملين والمنظمات الزراعية في قطاعي الأغذية والزراعة في القطاع الخاص، إلى زيادة إستثمارتهم القائمة في النظم الغذائية والزراعة، وخلق بيئة تؤدي الى مواجهة العامل المناخي، وترشيد الإنتاج والاستهلاك، في إطار مواجهة فقدان الأغذية ومكافحة الهدر، والجدير ذكره ان الإمارات تعتبر دولة رائدة في هذا المجال، وهي في مقدمة الدول التي تدعم الابتكار والبحوث الزراعية العالمية من خلال مبادرة «الابتكار الزراعي للمناخ»، التي أطلقتها بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، وتستهدف قطاع الاستثمار والابتكار والتكنولوجي في القطاع الزراعي.

كما تسعى المبادرة الإماراتية إلى تعزيز الإسهام الاقتصادي في القطاع الزراعي، وتوفير أكثر من ملياري فرصة عمل في هذا القطاع الحيوي، وتقديم الغذاء لكل سكان الكوكب، وذلك مستند الى التجربة الإماراتية الناجحة في توفير نظم غذائية وزراعية مستدامة، من خلال الاستثمار في الزراعة العضوية والزراعة العمودية، واستخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات، والزراعة المائية، ففي الإمارات يوجد أكبر مزرعة عمودية في العالم «بستانك»، والتي جرى إنشائها بالتعاون بين شركة الإمارات لتموين الطائرات وشركة «كروب ون»، التي تتخذ من الولايات المتحدة الأميركية مقراً لها، ووادي تكنولوجيا الغذاء في دبي، ومزرعة «آيروفارمز AgX»، وتعتبر أحدث مزرعة عمودية متطورة، كما أنها تركز على البحث العلمي والتطوير في الإمارات والإقليم، كما تعتبر مزرعة الإمارات البيولوجية في أبوظبي أكبر مزرعة عضوية فيها.

إذاً الإمارات تهدف في أي عمل تقوم به الى ارتقاء البشرية، وحفظ الإنسانية فحركتها عالمية وليست محلية او إقليمية.

Related Posts