وسام الحسن: رمز الوطنية الذي لن يُمحى من ذاكرة لبنان

بقلم ماريا معلوف

في الذكرى الثانية عشرة لاغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن، تظل ذكراه حاضرة في وجدان الشعب اللبناني، خاصة مع التطورات الكبيرة التي شهدها لبنان في الآونة الأخيرة. فقد أتت هذه الذكرى في سياق تغييرات هائلة بدأت بإسقاط قيادات حزب الله العسكرية والأمنية، وعلى رأسهم حسن نصر الله ووفيق صفا. هذه الأحداث وضعت لبنان على طريق التعافي من قبضة الحزب، الذي كان بمثابة سرطان نخر مفاصل الدولة وسيطر على مؤسساتها.

وسام الحسن، الذي تميز بفكره الأمني ورؤيته العميقة للدولة، لم يكن مجرد مسؤول أمني، بل كان رمزاً للوطنية والاستقلال. عمله الدؤوب في مكافحة الإرهاب والسعي لتحقيق سيادة الدولة اللبنانية جعل منه شخصية يخشاها أعداء الوطن، مما دفعهم إلى اغتياله بدم بارد. لكن رغم محاولاتهم لإسكاته، استمر تأثيره، ودماؤه الطاهرة لم تذهب سدى. فكل من شارك في اغتياله، من المخططين إلى المنفذين، تمت ملاحقتهم والقضاء عليهم، حتى في أعمق مخابئهم.

الذكرى الثانية عشرة لاغتيال الحسن تأتي أيضاً مع نفحة أمل جديدة للبنان، حيث بدأ الشعب يتلمس نسائم السيادة التي طالما ناضل من أجلها الشهيد. فبفضل تضحياته وتضحيات أمثاله من الوطنيين، بدأ اللبنانيون يرون بصيصاً من الأمل في مستقبل أفضل لوطنهم، رغم الحرب المستمرة والدمار الذي خلفته النزاعات.

لقد أراد وسام الحسن بناء دولة قوية، قادرة على حماية أبنائها من التهديدات الداخلية والخارجية، وكان يسعى جاهداً لإرساء منطق سيادة القانون فوق كل شيء. وهو ما تحقق تدريجياً اليوم، حيث يتبدد نفوذ القوى التي كانت تسعى إلى تقويض الدولة. لقد أثبت الزمن أن منطق الدولة الذي دافع عنه وسام هو الذي سينتصر في النهاية، وأن كل من يسعى لتقويض الدولة وتغليب مصالحه الشخصية على مصلحة الوطن لن ينجو من العقاب.

ليس من قبيل المصادفة أن نرى الآن الأمل يتجدد في نفوس اللبنانيين رغم كل الصعوبات. فقد دفع وسام الحسن حياته ثمناً من أجل هذا الأمل، وضحى بكل شيء لتحقيق حلم لبنان الحر، السيد والمستقل. وها هو حلمه يتحقق ببطء، ولكن بثبات، مع كل خطوة نحو التخلص من الفساد والهيمنة السياسية التي أعاقت نهضة البلاد لعقود.

في النهاية، يمكننا القول إن وسام الحسن لم يمت؛ بل يعيش في قلوب كل اللبنانيين الذين يحلمون بوطن أفضل. إرثه الأمني والوطني سيظل قائماً، وسيستمر في إلهام الأجيال المقبلة لبناء دولة قوية ومستقلة.

أرقد بسلام يا وسام، فقد بدأ التغيير الذي بشرت به، وستتحقق الرؤية التي ناضلت من أجلها. الشعب اللبناني مدين لك ولتضحياتك، وسيبقى حلمك بوطن حر سيد مستقل حياً في قلوب الجميع.

Related Posts