بقلم د. عبد العزيز طارقجي
انشغل العالم فجر الأحد الماضي بما اسمي بالرد الايراني على إسرائيل ، التي سبق لها وقصفت القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، وقد يقول قائل ان هذا حق لطهران كون القنصلية تعتبر أرض ايرانية وبالتالي هو اعتداء عليها، ولكن مهلاً يا اصحاب العقول الحامية سبق واستهدفت ايران بالذكرى السنوية لمقتل قاسم سليماني، وقبله تعرضت بعض المواقع النووية لهجمات تدميرية من قبل إسرائيل، وقيادة نظام الملالي بلعت لسانها ، ولجمت يدها عن الرد، فما الجديد في الاعتداء على القنصلية حتى يستدعي رد ايراني، علماً انه أتى متأخراً ١١ يوماً وترافق مع برباغندا اعلامية تهويلية بان الرد الايراني وما بقي مسؤول ايراني الا وخرج وقال ان الرد آتى حتى كبيرهم علي خامنئي الذي علمهم السحر ردد سيمفونية ان الرد آت ، حتى ظن المراقب ان ايران ستزيل اسرائيل، ولكن تمخض الجمل وولد فأراً، نعم ارعد ازبد الايراني وبالآخر كان هذا الرد المسرحي حيث اطلقت اسراب المسيرات والصواريخ البالستية والكروز ، والنتيجة انه لم يسقط حتى جريح واحد ، في حين مسيرة واحدة قتلت قاسم سليماني ومسيرة واحدة قتلت العميد زاهدي الذي جاء في بيان نعيه انه من كان يقف خلف ما اسموه طوفان الأقصى، إذا المشغل الايراني قتل وبالتالي يجب ان يكون حل بديل فكان الرد المسرحي، فإستعادة الحقوق الفلسطينية لا تتم عبر مغامرة حماس التي تعتبر ذراع الاخوان المسلمين الغليظة وبيدق بيد ايران شأنها شأن باقي البيادق من العراق واليمن وصولاً الى لبنان حيث يوجد درة البيادق الايرانية المتمثل بحزب الله الذي انصاع لأوامر وليه ودخل في حرب اسماها مشاغلة وورط أهالي الجنوب اللبناني بحرب ليست حربهم، وانما خدمة للمصلحة الايرانية، وكل ذلك على نقيض ما تقوم به السعودية والامارات ومصر والاردن وتحديداً ابوظبي والرياض ، الذين ومنذ ما قبل ما سمي طوفان الاقصى يسعون الى استعادة بالفعل والعمل الديبلوماسي النشط الحق الفلسطيني وقيام دولة فلسطينية ذات سيادة، وليس الاكتفاء بالهوبرة والصوت العالي، والدخول في مغامرات غير محمودة النتائج.
وبالتالي يتضح ان على العرب من أجل استعادة الحق الفلسطيني مواجهة الثلاثي غير المرح والمشكل من ايران وحماس واسرائيل، وقبل مواجهة ذاك الثلاثي المتحالف ضمنياً والمتخاصم ظاهرياً فإن الشعب الفلسطيني لن يصل الى حقه، وهنا لا بد ان نسجل ان ايران وبعد توقيع الاتفاق الايراني السعودي، يبدو انها فهمت انه لا يمكنها الاستمرار بسياستها السابقة، والاتفاق روضها واعادها الى حجمها ، والرد المسرحي على اسرائيل المنسق اميركيا يظهر انها دخلت مرحلة جديدة ، وانها قد تتخلى عن اي احد مقابل مصالحها وهذا ما تكشفه التطورات، وان الجميع في طريقهم للنزول عن شجرة التصعيد والانصياع من أجل استعادة الاستقرار في شرق المتوسط.