الإمارات الثانية عالمياً بالطاقة الشمسية والنموذج الذي يحتذى

بقلم : ماريا معلوف

شكلت الطاقة هاجس دول العالم لاسيما بعد الثورة الصناعية، في مطلع القرن العشرين المنصرم، ومع تطور الحياة على كافة الصعد الاقتصادية والاجتماعية وتنامي اعتماد البشرية على الطاقة لا سيما النفط والكهرباء، ما تسبب في تداعيات على الصعيد المناخي نتيجة الاعتماد على تلك الطاقة ، فكان لا بد من ايجاد حلول بديلة تسمح للبشرية في الاستمرار في التطور دون الإضرار في البيئة، فكان التوجه الى الطاقة التي اطلق عليها بالنظافية والتي هي مستمدة من الشمس والرياح وحتى المياه، ولأن الإمارات دولة سباقة في كل ما تقوم به وتولي اهتماماً بمواطنيها ورفاهيتهم، دون ان تغفل في تحركاتها ومبادراتها الانسانية جمعاء، وهي المواكبة للتطور التقني و الطلب المتنامي على الطاقة، ما دفعها الى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، ولذا قامت ببناء العديد من محطات توليد الكهرباء الصديقة للبيئة، كما أطلقت المبادرات من أجل توفير البنى التحتية التي تتطلبها تلك الطاقة النظيفة والمتجددة، وهذا ما جعلها أيضا تضع الاستراتيجيات لنقل الامارات الى المستقبل، فكانت الاستراتيجية الإماراتية للطاقة 2050، والعديد من المبادرات والتي تستند الى الطاقة المتجددة والنظيفة.

وتبنت الإمارات مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة، منهجاً من أجل مواجهة التغيَر المناخي، فكانت سباقة في الاعتماد على الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة لتلبية احتياجاتها وذلك في إطار استراتيجية الحفاظ على البيئة  والتنمية المستدامة، وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والبيئة ، دون الاعتماد على النفط، وهذا ما جعل الإمارات تتصدر الدول العالمية في الاعتماد على الطاقة البديلة والنظيفة والمتجددة وعلى رأسها الطاقة الشمسية التي لها دور مركزي في تحقيق أهداف الاستراتيجية الإماراتية للحياد المناخي بحلول 2050، خصوصاً وأن موقع الامارات وطبيعة مناخها وتمتعها بأشعة الشمس على مدار السنة فكانت ان امتلكت التقنيات الحديثة ما ساعدها على بناء محطات تعمل على الطاقة الشمسية ومنها محطة نور أبوظبي وشمس أبوظبي ومجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي، وفي هذا السياق لا بد لنا من ذكر ان الطاقة الشمسية تعتبر المصدر الثاني للطاقة الكهربائية في الإمارات، كما أن الطاقة الشمسية الكهروضوئية تعتبر الخيار الأقل كلفة لإنتاج الطاقة الكهربائية.

ونتيجة الاعتماد على الطاقة الشمسية كطاقة نظيفة ومتجددة ومستدامة، احتلت الإمارات المركز الثاني عالمياً لجهة نصيب استهلاك الفرد من الطاقة الشمسية بفضل جهود الإمارات في التوجه نحو الطاقة النظيفة و المتجددة، وعليه تعتبر الإمارات أسرع دول العالم في النمو وذلك بقيمة 6 غيغاواط زيادة في قدرات الطاقة النظيفة منذ عام 2011.

وذكر تقرير لحكومة الإمارات انه بحلول عام 2030 ستشكل الطاقة المتجددة 21% من إجمالي الطاقة في الإمارات، ولا بد لنا من الإشارة الى أن أهم المشاريع الإماراتية في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة لاسيما الطاقة الشمسية، محطة الظفرة للطاقة الشمسة الكهروضوئية والتي تعتبر أكبر محطة من نوعها في العالم بقدرة 1.5 غيغاواط وتمتد على مساحة 20 كم مربع، وتضم 4 ملايين خلية شمسية؛ وتزود 160 ألف منزل بالكهرباء، وكذلك هناك محطة نور أبوظبي التي تنتج 1.2 غيغاواط من الطاقة الشمسية، وتوزد 90 ألف منزل بالطاقة؛ وتخفض الانبعاثات الكربونية بمعدل مليون طن متري سنوياً، ولا يغيب عن ذهننا المحطة العملاقة “شمس” التي تساهم في خفض 175 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، ما يعادل زراعة 1.5 مليون شجرة، وهناك أيضاً مجمع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، والذي ستبلغ قدرته الإنتاجية 5000 ميغاواط بحلول عام 2030، وما سيؤدي الى خفض أكثر من 6.5 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً، وهناك محطة براكة للطاقة النووية السليمة، وهي أول محطة من نوعها عربياً، وتبلغ قدرتها الإنتاجية 5.6 غيغاواط؛ وتغطي 25% من احتياجات الإمارات.

هذا وتسعى الإمارات الى إنتاج 1.4 مليون طن متري من الهيدروجين منخفض الكربون سنوياً وذلك بحلول 2031، ناهيكم عن عزمها استثمار ما يصل إلى 54 مليار دولار على مدى السنوات السبع المقبلة في انتاج الطاقة النظيفة والمتجددة. كما تهدف إلى استثمار 162 مليار دولار في الطاقة المتجددة، من أجل انتاج 50 بالمئة من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2050.

كما أطلقت الإمارات أكبر مشروع للطاقة الشمسية المركزة والطاقة الكهروضوئية في العالم سيكون في دبي، وبكلفة تتجاوز الـــ 4 مليارات دولار ويمتد على مساحة 44 كم2 ويتضمن أعلى برج للطاقة الشمسية المركزة في العالم وسيبلغ ارتفاعه 263 متراً.

إنها الإمارات التي لم تكتف بالكلام عن الطاقة النظيفة والمتجددة من أجل مواجهة التغير المناخي وإنما ذهبت بعيداً في ترجمة مبادراتها ومساعيها على أرض الواقع فأصبحت النموذج الذي يحتذى عالمياً.

Related Posts