بقلم ماريا معلوف
شهد السودان منذ سقوط نظام عمر البشير المتدثر بعباءة الاخوان المسلمين، الكثير من التطورات السياسية لعل أبرزها توصل الاطراف الى توقيع اتفاق اطار من أجل العبور بالسودان الى بر الأمان والاستقرار السياسي والاقتصادي، وكي تكتمل الصورة كان لابد من اشتراك كل القوى في العملية السياسية ، من هنا كانت عودة محمد عثمان الميرغني المعروف بــــ”الخاتم” من منفاه الاختياري حيث أمضى 12 عاماً متنقلا بين لندن والقاهرة حيث استقر وأدار منها حزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وطائفة الختمية الصوفية، الخزب الذي يتمتع بقاعدة واسعة في المناطق الريفية في السودان الذي يتلمس طريقه نحو الاستقرار ووضع حد لأزمته السياسية.
لكن الميرغني عاد رافضا لأأي اتفاق محتمل بين الجماعات المؤيدة للديمقراطية والجيش، فيما عموم السودانيين ابدوا تأييدهم لتوقيع “الاتفاق الإطاري” بين الجيش والقوى المدنية، يحظى بتأييد المجتمع الدولي والإقليمي والأمم المتحدة وسط رفض آخرين، ويتقدم جبهة الرافضين تنظيم الإخوان المسلمين وواجهاته المختلفة المنضوية تحت ما يسمى “التيار الإسلامي العريض” والحزب الشيوعي وتجمع المهنيين الأصل والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة محمد عثمان الميرغني، الذي تربطه بالاخوان المسلمين علاقة تاريخية تعود الى زمان جده محمد عثمان الميرغني المعروف بــــ “الختم”، حيت نقل عباس السيسي في كتابه (قافلة الإخوان المسلمين) (1/208-209) عن حسن البنا أنه قال في ترحيبه لمحمد عثمان الميرغني بمناسبة قدومه إلى القاهرة في أول شعبان سنة 1367هـ(9 حزيران1948): (( إنَّ دار الإخوان لتسعد أكبر السعادة وتأنس أعظم الإيناس إذ تستقبل هذه القلوب الطاهرة والنفوس الكريمة أعلام الجهاد وأبطال العروبة وأقطاب قادة السلام أتقدم إلى سماحة الزعيم السوداني الكريم السيد محمد عثمان الميرغني وإلى حضرات الذين أجابوا الدعوة بأجزل الشكر وأعظمه” “…. أيُّها السَّادة لعلَّ الكثير لا يعلمون أننا نحن الإخوان مَدينون للسَّادة الميرغنية”.
الجدير ذكره ان “الاتفاق الإطاري”ينص على تدشين مرحلة انتقال سياسي يقودها مدنيون لعامين وتنتهي بإجراء انتخابات، ويهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية.
الميرغني العائد ارتبط ولعقود بشراكة سياسية غير مقدسة مع نظام الإخوان المسلمين السابق، برئاسة عمر البشير، وتقاسم معه الحقائب الوزارية إذ شغل نجلاه الحسن الميرغني وجعفر الميرغني منصبي مساعدي الرئيس المعزول، وهذا الأمر يعتبر نقطة سوداء في سجله وعلامة استفهام كبرى حيث ترى القوى الحية المدنية ان الميرغني هو من القوى السياسية التي اوصلت البلاد الى ما وصلت اليه وكان شريكاً مؤثرا وليس ذو دور هامشي، إلا انه كما الاخوان يحسن اقتناص الفرص لذا تراه يحاول الايحاء انه يريد الاستقرار، وتهدف جماعة الاخوان الى استغلال رصيد الرجل الذي يتقن استغلال البسطاء من السودانيين، لتمرير أجندته السياسية المشبوهة في السودان.
غير ان مواقف الميرغني لطالما اتصفت بالتذبذب وتعزز الشكوك حول طبيعة الدور الذي يتصدى له الميرغي ومنها مواقفه السلبية من الثورة وقواها، وحسمه لصراع الابناء على خلافته الحسن وجعفر لصالح الأخير المنخرط باسم الحزب مع مجموعة “اعتصام الموز”، وليس آخر تلك المواقف المثيرة ما جرى تداوله عن اجتماع عقد بين قيادات عسكرية عليا تتبع للتنظيم السري للإخوان المسلمين ومجموعة من حزب الميرغني تتبع لابنه جعفر الميرغني.
عودة الميرغني رغم ايجابيتها عند البعض الا انه يجب الحذر فالرجل حليف الاخوان المسلمين الذين يحملون الخراب اينما كانوا.
الميرغني امضى 12 عاما في منفاه الاختياري من لندن الى القاهرة ويعود الى الخرطوم في توقيت حساس على ايقاع خلاف نجليه الحسن وجعفر فهل يجمع بينهم ام يزيد الشرخ لننتظر ونرى.
يقال احسن خاتمتك من هنا ندعو الميرغني المعروف بـــ”الخاتم” ان يختم حياته بتصحيح تحالفاته وليعمل من أجل السودان ووحدته وليس من أجل الاخوان ومخططاتهم التدميرية.
نقول للميرغني الخاتم لا تكون حصان طروادة للاخوان فالسودان يستحق الاستقرار.