بقلم/ماريا معلوف
لايشك متابع سياسي في أن الرئيس بايدن ساعة اطلاقه لمصطلح(أمريكا عادت)كان يؤمن بأن مغزى تلك العبارة سيصل إلى الحلفاء قبل الخصوم حتى يدركوا قوة الموقف الأمريكي في كل مناطق العالم بعد تصريح أولئك الحلفاء أن
مشكلة الولايات المتحدة أنها بدت في محطات ليست بالقليلة كالذي يستفيد من نزاعات المنطقة ويطيل أمد الحروب فيها عبر مبيعات لا تنتهي من الأسلحة ولا يهمها ابدا وحدة الأمة العربية مثلا في اتخاذ مواقف موحدة من قضايا محددة .
بداية نعلم جميعا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن واجه خلال السنتين الماضيتين كثيرا من القلاقل في علاقته بالخليج فلا هو أراد أن يطمئن شركاءه الخليجيين فيما خص إيران وطموحاتها النووية ولا هو بالمقابل أحيا الاتفاق النووي الإيراني ولاهو كان ولا حتى بعض فريقه السبب المباشر في التوافقات التي حفل بها الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة….لكن ولا شك أن هناك اهدافا غير معلنه يتمنى الرئيس بايدن أن تكون ضمن توجهات هذه القمة العربية في المستقبل القريب وقبل نهاية ولايته…ويمكن القول هنا بوضوح إن الرئيس بايدن يريد من هذه القمة الإشارة ولو رمزيا إلى ماتحتويه(عقيدة بايدن)التي طرحها في قمة جدة السابقة والمبنية على مبادىء يزعم هو أنها واضحة وبراغماتية وواقعية وطموحة فيما يتعلق بما يمكن أن تحققه الولايات المتحدة وشركاؤها كما كرر هو غير مرة وذلك يكون بحسب كلامه هادفا إلى بناء الشراكات المعززة للردع مع استخدام الدبلوماسية كلما كان ذلك ممكنا بهدف تهدئة التوترات وعدم نشوب صراعات جديدة .
أيضا و لاشك فإن حضور الرئيس السوري القمة العربية اليوم يصطدم مع رغبة معلنة من الغرب أنه ضد هذه الخطوة حيث كانت الولايات المتحدة قد أعلنت رغبتها هي أيضا في إظهار الأسد واعلانه الندم على ما اقترفه بحق ملايين السوريين منذ بدء الاحتجاجات هناك العام ٢٠١١…وهنا يتساءل المراقبون:ماذا تريد أمريكا والغرب من الأسد..؟والإجابة هنا واضحة وهي انهم يريدون تغييرا في السلوك يؤدي لاحقا إلى التطبيع ونتذكر هنا أن كلا الحزبين في الكونجرس قدما سابقا مشروع قانون لضمان أن تقف إدارة بايدن ضد الأسد حتى لو أدى ذلك إلى تذبذب علاقتها مع الخليج..فالاسد بدا اليوم ساعة دخوله قمة جدة كالمنتشي بشهوة الانتصار على شعبه.
الرئيس بايدن كذلك حسب ماسمعت هنا في واشنطن بجوار الكابيتول يطمح إلى أن يتوقف البيان الختامي للقمة عند قضية ارتفاع أسعار النفط ومايسببه ذلك من مشاكل للولايات المتحدة ناهيك عن قضية الأمن الغذائي وامدادات الطاقة بالعموم.
وهنا يرد التساؤل: هل لازال الرئيس بايدن يطمح إلى تعميق التعاون الدفاعي والامني بين الولايات المتحدة والدول العربية أو أنه على استعداد لعمل متكامل مع دول مجلس التعاون الخليجي ضد ما يهدد أمنها؟وهنا نقول بوضوح ان العلاقات اليوم في المنطقة باتت فيها المنافسة الاستراتيجية سواء في التكنولوجيا أو التجارة اوحتى في الجانب الأمني واضحة للعيان ولا تقتصر على داعم واحد هو الولايات المتحدة وأيضا فإن قضية السلام ومواجهة التطرف والإرهاب باتت قضايا ثانوية إلى حد ما في هذه المرحلة….. واليوم لم تعد الولايات المتحدة هي من يفرض الأجندة السياسية على العالم شرقه وغربه.
وأيضا وأيضا لم يعد مبدأ تعزيز حقوق الإنسان الذي ترفعه أمريكا ويعززه الرئيس بايدن ضمن بنود ما يسمى ب(عقيدة بايدن) هو المبدأ الذي يقبل العالم أن تبتزه به الولايات المتحدة فانسحابها المفاجئ من أفغانستان وتركها للافغان تحت رحمة طالبان وكذلك تدخلها لسنوات في صراعات أرهقت شركائها فيها كلها جعلت العالم يكون في حذر من مواقف متقلبة قد تقدم عليها أي إدارة أمريكية…الرئيس بايدن اليوم لا يريد من القمة العربية في جدة الا ان تقول شيءا واحدا وهو( إننا نحن العرب لا نزال نعتقد بالريادة لك أيتها الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة…حتى ولو كنا لا نعتقد ذلك داخل قلوبنا).