الإمارات حاضنة الذكاء الاصطناعي والمبتكرين والشركات المليارية

بقلم د. عبدالعزيز طارقجي

أدركت الإمارات باكراً أهمية الذكاء الاصطناعي الذي نمت فيه الاستثمارات العالمية في العقد المنصرم، وكونها قد رسخت مكانتها كواحدة من أكثر دول العالم ريادة في الاستثمار في قطاع اقتصاد المعرفة وكل ما يرتبط به، ومن ضمنه الذكاء الاصطناعي.

في إطار إنشاء اقتصاد إماراتي غير معتمد على النفط، سعت الإمارات إلى توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها الإيجابي في إحداث طفرة تطويرية في كافة المجالات.

ساهمت الاستراتيجية الإماراتية في توفير البيئة الملائمة للاستثمار، وجذب الاستثمارات الأجنبية، لا سيما الشركات الناشئة والصاعدة، إضافة إلى الشركات المليارية. وقد ابتكرت المستثمرة الأمريكية أيلين لي، المتخصصة في تمويل الشركات الناشئة، وصف «unicorn» للشركات الناشئة المليارية عام 2013، لتصف الشركة الناشئة التي تبلغ قيمتها السوقية أو تتجاوز مليار دولار.

والجدير بالذكر أن عدد الشركات التي ينطبق عليها هذا الوصف آنذاك كان لا يتجاوز 39 شركة في العالم، بينما بلغ عددها وفق تقارير نشرتها شركة “سي بي إنسايتس” الأمريكية المتخصصة في تحليل بيانات الأسواق أكثر من 1050 شركة مليارية «يونيكورن» حول العالم، وتخطت قيمتها السوقية أو قاربت 4 تريليون دولار.

في هذا السياق، تصدرت الإمارات الريادة العربية في تحقيق أحلام روّاد الأعمال الطموحين بامتلاك شركات ناشئة مليارية، وهذا ما أكدته خلوة الذكاء الاصطناعي التي عقدت في دبي، والتي نظمها مركز دبي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي. كان هذا التجمع أكبر تجمع عالمي لتبنّي تطبيقات الذكاء الاصطناعي واستخداماته، بهدف استعراض فرص “ساندبوكس دبي” الذي يهدف لتمكين المبتكرين وروّاد الأفكار الإبداعية والشركات العاملة في التكنولوجيا من تصميم وتطوير واختبار تقنيات المستقبل وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في دبي، مما يجعلها وجهة داعمة للابتكار وروّاد توظيف الذكاء الاصطناعي في تصميم المستقبل حول العالم.

“ساندبوكس دبي” يمكن المبتكرين في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، في مبادرة جديدة تجسد على أرض الواقع ما أكده سام آلتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن أيه آي” المطورة لبرنامج “تشات جي بي تي”، خلال أعمال القمة العالمية للحكومات 2024، أن دبي مؤهلة لتكون مختبراً مفتوحاً لشركات التكنولوجيا حول العالم، لما تتمتع به من بيئة وبنى تحتية وتشريعية داعمة لهذا المجال والاستثمار فيه. وهو الأمر الذي أكده مؤسسو ورؤساء شركات مليارية شاركوا في جلسة حوارية رئيسية بعنوان “دور الحكومات في تسريع تبني الذكاء الاصطناعي عبر تطوير تشريعات وسياسات فعّالة”، ضمن فعاليات الخلوة التي تناولت الآفاق المستقبلية التي يوفرها مشروع “ساندبوكس دبي”، خصوصاً مع اعتبار دبي الأكثر جاهزية لاختبار التقنيات المبتكرة واحتضان المبتكرين من حول العالم.

وفي هذا الإطار، أكد مدير مختبرات دبي للمستقبل ومدير “ساندبوكس دبي” خليفة القامة، على دور الحكومات في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي، وأن دبي تتبنى نهجاً فعالاً في الاستفادة من الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي، وتركز لهذا الغرض على تسريع تبني الذكاء الاصطناعي وتعزيز التعاون مع جميع الأطراف المعنية بما فيها الأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص.

وأشار الخبراء إلى تركيز خطة دبي السنوية لتسريع تبني استخدامات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي على تعزيز دور القطاع الخاص في توسيع استخدامات الذكاء الاصطناعي واستثماراته، من خلال إطلاق حاضنة دبي لشركات الذكاء الاصطناعي والويب من الجيل الثالث “Web3” وإنشاء رخصة دبي التجارية للذكاء الاصطناعي، وتوفير خطة متكاملة وحوافز لقطاع مراكز البيانات الأساسي للاقتصاد الرقمي. أكد خبراء في استخدامات الذكاء الاصطناعي ومختصون في قطاعات الخدمات المالية والمصرفية والتمويلية في دبي، أنها تمثل بيئة خصبة لنمو الشركات المليارية الناشئة، واستقطاب الشركات الكبرى.

وأشار المشاركون في جلسة نقاشية مغلقة حول الذكاء الاصطناعي في قطاع المال والتمويل، ضمن أعمال «خلوة الذكاء الاصطناعي»، إلى أن الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الآمنة يمثلان قطاعاً غنياً بالفرص المستقبلية لمجالات التعاملات المالية والتحويلات الآمنة، وتحليل جدوى التمويل للمشاريع الناشئة والكبرى. وأكدوا أن استخدامات الذكاء الاصطناعي في المجالات المالية ذات مستقبل واعد، لا سيما في دبي التي تشكل مختبراً عالمياً مفتوحاً لأحدث تطبيقات التكنولوجيا المالية المتقدمة.

وخلاصة القول، أن الإمارات أثبتت ريادتها عالمياً وليس إقليمياً فقط، وذلك من خلال توفير بيئة تشريعية وتنظيمية ورقمية مرنة وجاذبة للابتكارات والاستثمارات الواعدة في قطاع الذكاء الاصطناعي وحلوله. كما أنها حققت المرتبة الأولى عالمياً في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في مجال الذكاء الاصطناعي.

Related Posts