من النيل إلى الفرات، هل يتحقق الحلم الصهيوني على أياد إيرانية؟

بقلم الدكتورة: شيماء العماري

شنّت إيران مساء السبت 13 إبريل 2024 هجومًا مُركبًا، أطلقت عليه اسم “الوعد الصادق” باستخدام ما يزيد على 330 من الطائرات المُسيرة والصواريخ الباليستية وصورايخ كروز وهي الضربة الأولى تاريخياً مباشرة من ايران إلى اسرائيل  ، وجاء ذلك على خلفية الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق قبل أسبوعين، والذي أسفر عن مقتل عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني أبرزهم الجنرال “محمد رضا زاهدي”.

وبين تاييد وتهليل عربي كبير ومن يرى ان رد ايران جاء مدروساً ومنضبطاً وحقق هدفه في الانتقام للقنصلية دون النشوب في حرب إقليمية وإيصال رسالة لاسرائيل محتواها ان ايران قادرة على استهداف الكيان في عقر داره وبث الرعب في الكيان المحتل وأنها ان كانت خابت أم اصابت فهي الدولة الإسلامية الوحيدة التي أطلقت صاروخا واحدا في اتجاه إسرائيل بعد الجرائم التي يرتكبها في حق الشعب الفلسطيني الشقيق..

 وبين من يرى ان هذا الرد كان في إطار” مسرحية” لحفظ ماء الوجه وان ما حققه هذا الهجوم هو الكثير من الدعاية والقليل من التأثير، بما أنه كان يفتقد لعامل أساسي وهو عامل المفاجاة ، وهول ما أثار الجدل حول  ان الرد الإيراني جاء بتنسيق مسبق مع الولايات المتحدة الأميركية وتركيا وسويسرا وغيرها .. خاصة بعد تصريح اسراىيل ان ايران أعلمتهم مسبقا بهذا الهجوم وأنها لم تكن لتقدم مثل هذه “الخدمة” لإيران … وبعد ان اثبتت التقارير ان الأضرار التي لحقت بإسرائيل نسبيًا محدودة مقارنة بحجم الهجوم الإيراني.،وأن فرق الطوارئ استجابت لإصابة 31 شخصًا بـ”نوبات ذعر” و”إصابات طفيفة” أثناء توجههم إلى الملاجئ.

ومن اللافت للنظر و من المضحكات المبكيات و سخرية الأقدار أن الضحية البشرية الوحيدة في الهجوم كانت لطفلة تبلغ من العمر سبع سنوات من بدو النقب في جنوب إسرائيل ، يعني من أصول فلسطينية…

يبقى الأهم  في  هذا المشهد الإقليمي المتأجج ، ان العالم العربي بات هشا وضعيفا بل ومستباحا، وبات اللامشروع هو مشروعنا الواقعي في العالم العربي، أو بأحسن الأحوال مشروع عنوانه التبعية والاحتماء خلف إما المشروع الايراني او المشروع الصهيوني . كأننا دمى متحركة خُلقت بلا عقل وبلا هوية وبلا موقف،

والخبث الخميني عرف ان يستغل الفراغ العربي جيداً ليستقطب أصوات العرب ، فلعب بعقولهم ومضى باستغلال القضية الفلسطينية لفائدة مصالحه السياسية وتغيير موازين القوى السياسية العالمية وخدمة اجندته بشكل مباشر.

لا بد من التمييز بين القضية الفلسطينية العادلة وبين الاستغلال السياسي والتضليل الذي يحدث في بعض الأحيان. يجب علينا أن نكون واعين لهذه الحقيقة وأن نعمل على التصدي لأي محاولات لتحويل قضية فلسطين إلى غطاء لأجندات خارجية مشبوهة، اياً كانت.

فلا سلام في اللعالم بدون حل قضية الشرق الأوسط  و تحقيق السلام الشامل والعادل في فلسطين هو أمر ضروري لاستقرار المنطقة بأسرها. أما الإمعان في شعارات القضية الفلسطينية لتغطية عورة الإرهاب الخميني في طهران ، فعبثية ومزيد من الموت والدمار.

فان كانت ايران تتحرك فعلا لأجل عيون غزة لماذا لم تتحرك إلا لقتلاها ؟

وكيف لمن دمر اليمن ان ينصر فلسطين؟

لماذا تسعى إيران لتحقيق أهدافها الإقليمية والجيوسياسية من خلال زرع الصراعات وزيادة التوترات في المنطقة، دون التورط مباشرة وتحمل عواقب ذلك؟ ولماذا تستخدم ميليشيات وجماعات مسلحة موالية لها في بلدان أخرى مثل لبنان، اليمن، العراق، وسوريا لتنفيذ أجندتها الإقليمية، دون ان تجرأ في الخوض في “أم الحروب ” وهي حربها المباشرة مع الكيان الصهيوني؟

هل تخشى فقدان ما حققته من نفوذ في العراق وسوريا ولبنان واليمن بسبب تحالف دولي قد يقود إلى تدمير قدرتها النووية وعزل نفوذها في المنطقة؟ ؟ أم ان الحرب بالوكالة جعلت الدم العربي وحده مستباحاً وان الشعوب العربية باتت مفعولاً بها لاغير؟

وهل ستستمر إيران في سياستها الحالية من استخدام النفوذ والتدخلات العسكرية غير المباشرة لتحقيق أهدافها وتوسيع نفوذها؟ أم أنها متجهة نحو مفترق طرق حيث يجب عليها إما الخوض في حرب مباشرة ومواجهة “أم الحروب” بمفردها، أو الانسحاب من المنطقة وتغيير سياستها الحالية؟

هل صحيح كما يرى البعض أن إسرائيل هي المستفيدة من الهجوم الإيراني؟ وان ايران بهذا الهجوم ساعدت إسرائيل لكسب تعاطف الرأي العام الدولي مجدداً و تصوير نفسها كـ “الضحية والمستهدفة”؟

هل تدفع الولايات المتحدة الدول العربية إلى الحوار والتفاهم مع إسرائيل لخفض التصعيد، بغية التركيز على الحد من تأثير إيران في المنطقة؟

أم هل يمكن أن يكون هذا بداية لاتفاقية ترعاها واشنطن لتقاسم النفوذ في المنطقة بين إسرائيل وإيران وما هي توقعات  والرد الإسرائيلي، خاصة وأن الولايات المتحدة تتجنب التورط في حرب إقليمية في الشرق الأوسط؟

أم أن هذه التصعيدات الغير مسبوقة ستؤدي إلى تقويض أمن المنطقة و مزيد من الخراب والدمار في منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم التمهيد للحلم الصهيوني “من النيل إلى الفرات”؟ بعقل إسرائيلي وأيادي إيرانية …؟

Related Posts