الصقارة: من هواية إلى رياضة عالمية ببصمة إماراتية

بقلم: خليل القاضي

أولت دولة الإمارات، قيادةً وشعباً، اهتمامًا خاصًا برياضة الصقارة، حتى أنها أنشأت “نادي صقاري الإمارات” في إطار تقديم رسالة حول قيمة التراث والبيئة في الدولة. فقد بدأ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ممارسة هذه الرياضة في سن مبكرة جدًا، ضمن فهمه العميق للغة الطبيعة والحياة الأم. وقد جسد الشيخ زايد بلا منازع الصورة المثالية للصقار العربي بفضل حدسه الصادق ومعرفته الواسعة بالطبيعة.

وفي إطار جهود الحفاظ على الصقور وصونها من الانقراض، وقعت الإمارات على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحماية البيئة والحياة البرية وصون الأنواع، إضافة إلى إطلاق مشاريع لإكثار الصقور. وقادت الإمارات جهودًا ناجحة لإعادة رياضة الصيد بالصقور إلى واجهة المشهد الرياضي العالمي، حيث عززت انتشارها بشكل واسع باعتبارها رياضة تحمل العديد من الأبعاد التراثية والتاريخية المرتبطة بالهوية الوطنية.

في عام 2010، نجحت الإمارات في تسجيل الصقارة ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). كما افتتحت الإمارات في ديسمبر 2016 “مدرسة محمد بن زايد للصقارة وفراسة الصحراء”. وفي عام 2018، فازت الإمارات برئاسة الاتحاد العالمي للصقارة والمحافظة على الطيور الجارحة (IAF)، وأطلقت مشروع أرشيف الصقارة في الشرق الأوسط.

الجدير بالذكر أن إنتاج الإمارات من الصقور ينافس كبريات مزارع الإنتاج العالمية، في حين يمثل الإماراتيون نسبة كبيرة من صقاري العالم. كما تستضيف الإمارات مقر الاتحاد الدولي لرياضات وسباقات الصقور، الذي لعبت دورًا هامًا في تأسيسه، حيث يمثل الاتحاد قاعدة معلومات صلبة لدعم هذه الرياضة التراثية على الصعيد العالمي، ويرأسه سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي ورئيس اللجنة الأولمبية الوطنية. ويضم الاتحاد العالمي للصقارة في عضويته 110 أندية ومؤسسات معنية برياضة الصيد بالصقور من 90 دولة، وينتمي إليه أكثر من 100 ألف صقار حول العالم.

علاوة على ذلك، يعزز نادي صقاري الإمارات من خلال دوره النوعي والمؤثر في تطور هذه الرياضة تنظيم العديد من الأنشطة والفعاليات المختلفة، التي تستهدف تطوير الرياضة، والحفاظ على الصيد بالصقور كتراث إنساني وإرث تاريخي. كما يسهم النادي في مشاريع صون الصقور، والطرائد، وإكثارها في الأسر، وحماية بيئاتها الطبيعية، إلى جانب تطوير التعاون الدولي مع المؤسسات المعنية بصون الصقارة.

كما تقام في الإمارات العديد من الفعاليات والبطولات الخاصة برياضة الصقور، من بينها بطولة كأس صاحب السمو رئيس الدولة للصيد بالصقور، التي ينظمها نادي أبوظبي للصقارين، والتي وصلت في عام 2023 إلى نسختها الـ 11. ومن البطولات الكبرى الأخرى، بطولة كأس الاتحاد الدولي لرياضات وسباقات الصقور للفرق الدولية لمسافة 400 متر، وبطولة سباقات التلواح التمهيدية فئة “فرخ” لمسافة 300 و400 متر، وبطولة كأس الاتحاد لسباقات الصقور بالتلواح.

ولا ننسى أن الإمارات، بمفهومها الذي يرفض المستحيل، نجحت في تحويل هواية أبناءها إلى رياضة عالمية، يتسابق صقارو العالم للمشاركة في المشهدية التي عززتها الإمارات، حفاظًا على الهوية والتراث، وتعزيزًا لثقافة حماية الطبيعة والمحافظة على التنوع البيئي والبيولوجي.

Related Posts