بقلم : ماريا معلوف
قال المنتبي:
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
ففي لحظة احتدام الاشتباك العسكري بين روسيا وأوكرانيا، وارتفاع الصوت السياسي على ايقاع وصول الدبابات الاوروبية الى كييف من أجل المساندة العسكرية وردع موسكو، أتت المفاجأة الإماراتية وبالتزامن مع اليوم الدولي للأخوة الانسانية، والتي تمثلت بنجاح الوساطة التي قادتها الدبلوماسية الاماراتية بهدوء وثبات وأفضت عن الإفراج عن 63 أسير روسي عسكري بعضهم ينتمون الى فئة حساسة وفق ما اعلنته وزارة الدفاع الروسية، فنجاح أبوظبي في وساطتها هو تجسيد عملي لأبيات أبي الطيب، فما عجزت عنه دول كبرى حققته الإمارات وانطلاقاً من مبادئها الانسانية ، وكيف لا وهي التي رعت وأطلقت قبل ثلاث سنوات بالتحديد “وثيقة الأخوة الإنسانية” من أجل السلام العالمي والعيش المشترك. كما أنها أكدت ان عزيمة أبوظبي لا تلين وما استعظمه الآخرون واستهابه، أقدمت عليه الإمارات دون تردد فصغر بعينها لعلو قدرتها على ايجاد الحلول في التوقيت الصعب ومفاوضات اتصفت بالصعوبة والتعقيد، وفق ما ذكره بيان وزارة الدفاع الروسية، أن مجموعة من العسكريين الروس عادوا إلى روسيا في صفقة تبادل للأسرى بفضل جهود إماراتية، وبعد عملية مفاوضات صعبة، والجدير ذكره أن هذه الصفقة الناجحة تعد ثاني صفقة لتبادل الأسرى مع سلطات كييف، منذ بداية 2023 حيث جرى الافراج عن 50 مقاتل روسي.
هذا في وقت كشفت مصادر دبلوماسية متابعة انه جرى في نهاية اشرين الثاني(توفمبر) 2022، إن ممثلين من روسيا وأوكرانيا اجتمعوا في الإمارات، لمناقشة إمكانية تبادل أسرى الحرب في صفقة مرتبطة باستئناف صادرات الأمونيا الروسية إلى آسيا وأفريقيا عبر خط أنابيب أوكراني.
وعليه قإن نجاح الصفقة ليس غريبا على الدبلوماسية الإماراتية وهي التي نجحت في كانون الأول(ديسمبر) 2022 وبالتعاون والتنسيق مع سعودية في إتمام صفقة تبادل سجناء نادرة بين أميركا وروسيا شملت الإفراج عن لاعبة كرة السلة الأمريكية بريتني غرينر، مقابل السجين الروسي في الولايات المتحدة فيكتور بوت.
فالإمارات ودبلوماسيتها يلتزمون ويؤمنون بثقافة المساعدة وفي إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة، ناهيكم عن تشجيعها للحوار والدبلوماسية في إنهاء أي أزمة مهما اشتد وطيسها، فقد عملت الإمارات ومنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية على لعب دور الوسيط النزيه الذي تحركه الانسانية، وتحدوه الدبلوماسية الرفيعة في مقاربة القضايا الشائكة والوصول بها الى الحل المنشود، وهذا ما تجسد في زيارة رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، إلى موسكو في تشرين الأول (أكتوبر) 2022، حيث أثنى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على جهود الإمارات في حل القضايا الإنسانية عموما وتلك المرتبطة بين موسكو وكييف على وجه الخصوص، فأبوظبي لطالما أكدت على الحوار والدبلوماسية كونهما الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب، وأن هذا الحل يمثل مسؤولية جماعية في أوقات الصراع، والمساعي الإماراتية تأتي في سياق تخفيف المعاناة وإيجاد حل سلمي ومستدام يعزز السلم والأمن الدوليين.
وإنطلاقا مما سبق فإن نجاح وساطة الإمارات يدل على قوة الدبلوماسية الاماراتية وحيادتها وحكمتها، وأنها الأقدر على أن تكون راعية للوساطات لاسيما تلك الصعبة وذلك لتخفيف التوترات وتعزيز الحوار، وتأكيد على دورها العالمي في صناعة السلام ونشر ثقافة التسامح، وعلى أن رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد رجل السلام والتسامح والانسانية، فهو أنسن الدبلوماسية فكانت سر نجاح الامارات في حل القضايا المتعصية، فحين انسداد الافق هناك الإمارات.