بقلم نوفل ضو
من حيث يريدون او لا يريدون،
ما زالت تعليقات معظم السياسيين والاعلاميين واصحاب الرأي في لبنان، ومقارباتهم وقراءاتهم للواقع اللبناني تتم بدهنية القرن الماضي، وادواته واساليبه!
عاش اللبنانيون والعرب عشرات السنوات في زمن الايديولوجيات السياسية المغلقة التي سادت في العالم العربي، في مواجهة دائمة مع العالم عموما، ومع دول ا لقرار خصوصا، معتبرينها رمزا للاستعمار والإمبريالية وما الى ذلك من تعابير خشبية حكمت وتحكمت بالحياة السياسية في تلك الحقبة!
وصف الذين عزلوا انفسهم ودولهم وشعوبهم عن العالم ما يقومون به بأنه تقدمية… ووصفوا خصومهم بالرجعية!
اعتبروا النظام العالمي وطريقة عمله تدخلا في شؤون الدول والشعوب، واعطوا انفسهم صلاحيات اسقاط مشاريع النظام العالمي تحت مسميات الاستقلال والتحرر وفي ظل سياسات قمع وقهر وتسلّط مارسوها ضد شعوبهم!
اليوم، يبدو اللبنانيون وكأنهم لم يتعلّموا شيئا ولم يستحلصوا العبر… خلافا لمعظم العرب!
ما زال معظم اللبنانيين يعتمد تعابير وسياسات عبد الناصر وصدام حسين والقذافي في مقاربة النظام العالمي!
ما زالوا يعتبرون الاخذ في الاعتبار موازين النظام العالمي بمثابة تبعية واستسلام وارتهان!
ويريدون فرض مشيئتهم على العالم بدل اقناع العالم بمصالحهم من خلال الشراكة مع النظام العالمي، معتمدين شعارات التحرر والنأي بالنفس عن العالم وكأن تجربة دول عدم الانحياز كانت تجربة ناجحة بتفوّق!
ويعتبرون ان الانخراط في النظام العالمي ارتهان وتبعية وهزيمة واستسلام!
وكل “فرعوط” صار بدو يعمل من حالو تشي غيفارا عصرو!
الخروج من الازمة يتطلب update للعقل السياسي!
ويتطلب اعتماد منهجيات مختلفة عن تلك التي اثبتت فشلها وعقمها، وانها مصدر بلاء لشعوب المنطقة ودولها!
تجاهل موازين القوى ليس بطولة بل “هبل سياسي صاف”!
رفض الاقرار بالاحجام والادوار والامكانات ليس شجاعة، بل “جهل فكري ومكابرة سياسية” بامتياز!
والعودة الى اعتبار التفاهم مع العالم بشروط النظام العالمي انهزام واستسلام مراهقة سياسية!
والعودة الى الحديث عن تبعية للخارج في كل مرة يكون حديث عن التفاهم مع العالم والانضمام الى النظام العالمي هو استنساخ لمرحلة خسر فيها العرب كل قدرة على الفعل والتأثير، وطارت منهم اراضيهم وقضاياهم! ودفع لبنان ثمن اصرار البعض على الالتحاق بسياسات ونهج: ما اخد بالقوة لا يسترد الا بالقوة، والصمود والتصدي، ولاءات الخرطوم الثلاث وغيرها….
التفاهم مع اميركا، ولو بشروط اميركا انجاز وليس اقرارا بالهزيمة!
الاعتراف بالهزيمة العسكرية امام اسرائيل شجاعة سياسية هي الشرط الحتمي لتجاوز مفاعيل الهزيمة العسكرية سياسيا واقتصاديا في يوم من الايام!
اما استحضار “بطولات” احمد سعيد
و “انجازاته”، ولو بالسنة اخرى فهو هزيمة فوق هزيمة وغرق في هزائم لا تنتهي!
أما آن الأوان للعيش في القرن الواحد والعشرين؟ ولماذا الاصرار على البقاء في زمن عبر… والاهم ان التاريخ اثبت انه زمن الفشل المستدام؟!