بقلم: خليل القاضي
لم يعد من مجال للشك أن بعض السياسيين في العراق راهنوا على التساهل الأمريكي أو على استمرار الوضع كما هو. بعضهم له صلات بالمجموعات المتطرفة، مثل داعش، أو يتماهى مع النفوذ الإيراني، وظنّ أن الإدارة الأمريكية ستغض الطرف عن تجاوزاتهم. الواقع أثبت العكس: واشنطن اختارت مسارًا واضحًا لدعم العراق في استعادة قراره وسيادته، بعيدًا عن أي تدخل خارجي.
قرار وزارة الخزانة الأمريكية بإدراج خميس الخنجر، رئيس حزب السيادة، وريان الكلداني، زعيم مليشيا بابليون، على قائمة العقوبات وفق قانون “ماغنيتسكي”، ليس مجرد إجراء مالي، بل خطوة سياسية حقيقية. الهدف واضح: لا مجال للتهاون مع من يهدد الأمن والاستقرار، ولا مكان لمن يحاولون الالتفاف على القانون الدولي. العقوبات تشمل تجميد الأصول ومنع أي تعامل مالي معهم، ما يقلص فرص استغلال النظام المالي الدولي لدعم أنشطتهم.
خميس الخنجر، الذي يتحرك أحيانًا بأسماء مستعارة، يمثل نموذجًا لمن يستخدم منصبه السياسي كغطاء لأجندات خارجية. أما ريان الكلداني، فإن تجديد إدراجه على قائمة العقوبات يؤكد أن واشنطن لا تتساهل مع أي طرف يرفع السلاح ضد الدولة والمواطنين. هذه الإجراءات ليست تحذيرًا شكليًا، بل دعوة صريحة للعراق لإعادة ترتيب أولوياته، وتقليل النفوذ الخارجي الذي يحاول البعض استثماره لمصالح شخصية.
ما يميز هذه المرحلة هو وضوح الرؤية الأمريكية: العراق يجب أن ينهض كدولة قادرة على حماية قراره ومصالحه. وبينما يواصل بعض السياسيين الحديث عن مصالح فردية ومساومات، فإن الوقائع على الأرض تقول شيئًا مختلفًا: الوقت حان للحساب، والتدخلات الخارجية لم تعد مقبولة.
العراق أمام فرصة لإعادة بناء مؤسساته، وفرض سيادته على الأرض. لكن تحقيق ذلك يتطلب قرارات شجاعة، وتحركات داخلية جادة. السيادة ليست شعارًا يردد في الخطابات، بل ممارسة فعلية تتطلب إجراءات ملموسة، من محاربة الفساد إلى ضبط عمل المليشيات، وإعادة ترتيب الأولويات الوطنية بعيدًا عن النفوذ الخارجي.
في النهاية، ما حصل ليس مجرد عقوبات فردية، بل اختبار حقيقي لقدرة العراق على تجاوز مصالح الأحزاب والفصائل، والالتزام بسيادته واستقلال قراره. الرسالة واضحة: من يحاول الالتفاف على الدولة لن يجد مكانًا، وحان الوقت لاتخاذ قرارات صعبة وحاسمة.















