صد ايران اولوية نتنياهو .. فهل تتعظ من صفعاته السابقة؟

بقلم ماريا معلوف

قبيل نهاية عام 2022 أدت حكومة بنيامين نتنياهو اليمين الدستورية، لتكون هذه المرة السادسة التي يتولى فيها “بيبي” كما يناديه مناصريه رئاسة الحكومة، ليسجل رقماً قياسياً مقارنة بغيره من رؤساء الوزراء السابقين، الذين تعاقبوا على رئاسة الكابينت الاسرائيلية، وقد شدد نتنياهو على أنه سيعزز التسامح والسعي إلى تحقيق السلام، على الرغم من أن شركاءه في التحالف – الصهيونية الدينية والقوة اليهودية – تحدثوا بصراحة عن معارضتهم للدولة الفلسطينية وحقوق الأقليات. وهو الذي قال في مذكراته “لطالما كنت مؤمناً قوياً بالديمقراطية الليبرالية وانغمست في نصوصها الكلاسيكية”.

إلا ان الموقف الذي يجب التوقف عنده في كلام نتنياهو في مستهل الجلسة الحكومية الأولى هو تأكيده أن “صد” إيران يتصدر أولويات حكومته، حيث قال: بادئ ذي بدء، صد إيران قضية وجودية، وسنحرص على وجودنا وأمننا، وثانيا، إعادة الأمن والحكم داخل دولة إسرائيل”.

ولأنه رجل أفعال لا أقوال كان لقاؤه مع رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” دافيد برنياع، الذي أطلع نتنياهو على خطة الجهاز لمواجهة إيران، الموساد الذي وجه في زمن تولي نتنياهو أكثر من صفعة في سياق صد نفوذ طهران وتهديداتها لا سيما سعيها للحصول على السلاح النووي.     

وهذا ما سبق وكشف عنه هاغاي إيتكين، رئيس قسم التكنولوجيا، والمسؤول عن الحرب السيبرانية السابق في الموساد، وذلك بعد أن سمحت الرقابة العسكرية بالكشف عن دور جهاز الموساد، خصوصا وأن إيتكين كان مسؤولاً عن تفعيل الكثير من البرامج والأدوات التشغيلية الخاصة بجمع المعلومات والتجسس، و تنفيذ عمليات استهدفت منشآت إيران النووية ناهيكم عن بعض أبرز العاملين في الملف النووي، ولم تكن عملية اغتيال للعالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، الملقب بأبي القنبلة النووية، بعملية اتصفت بالتعقيد وذلك في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، إلا ان الضربة التي قصمت ظهر نظام الملالي كانت تمكن الموساد من أخراج الارشيف السري الورقي والصلب للبرنامج النووي الإيراني في العام 2018، في عملية نوعية أشرف عليها نتنياهو شخصيا مع رئيس الموساد آنذاك يوسي كوهين، حيث ظهر آنذاك بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي ليكشف تفاصيل الأرشيف، و حدّد شخصية فخري زاده قبل عامين من اغتياله، حينها بدت المهمة مستحيلة، وبمتابعة حثيثة نجح الموساد بعد عامين من احضار الارشيف السري في اغتيال فخري زاده في قلب طهران وسط عجز الحرس الثوري وكل السلطات الأمنية في إيران، حيث دخلت المجموعة وخرجت دون اي اعتراض، وكان كوهين سبق وألمح الى دور جهاز الموساد في تفجير منشأة للطرد المركزي تحت الأرض، في مدينة نطنز، حين قال “كانت أجهزة الطرد المركزي هناك تدور”.

ولدى متابعة الخط الزمني للأحداث والتطورات التي جرت بعد عملية احضار الارشيف السري للبرنامج النووي الايراني نجد أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب اتخذ قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي بعد أیام من کشف الارشيف النووی في تل أبیب، وفرض عقوبات أکثر شدة علی إیران، مما كان عليه الوضع حتى قبل عام 2015.

والجدير ذكره ان نفوذ الموساد في الداخل الايراني بلغ مستوى عال، وان الجهاز قادر على المستحيل امنياً، فعمليات الموساد لصد ايران لم تقف على الداخل الايراني، وانما طالت مساحة تواجد ايران فسلاح الجو الاسرائيلي يوجه ضربات محكمة في ضد اهداف استراتيجية تابعة للحرس الثوري الايراني في سوريا وليس آخرها الضربة التي كانت متزامنة مع بدء ولاية حكومة نتنياهو السادسة وفي اليوم الاول من العام الجديد ، في رسالة حملت الكثير من المضامين ان مرحلة الدلع والمرونة السياسية التي مارستها حكومة يائير لابيد ونفتالي بينيت قد ولت الى غير رجعة، وعادت سياسة الحسم والردع مع نتنياهو الذي يصر على لجم ايران وميليشياتها، وافهامها بأن عليها التأدب والتزام حدودها واحترام سيادة الدول المجاورة، وإلا القصاص وهو الذي يعرف ان نظام الملالي لا يفهم الا سياسة القوة والردع الحاسم.   

Related Posts