كتبها .. صالح جريبيع الزهراني
أرخص نضال يمكن أن تقدمه للأمة العربية والإسلامية العاشقة للشعارات .. ولن يكلفك 10 % مما تقدمه على هيئة مساعدات إنسانية أو مساهمات في جهود دولية .. هو قناة ومراسلين ومجموعة أبواق يجيدون العزف على مشاعر الدهماء والعامة من الناس .. أو أن تخصص منابرك الإعلامية وخطبك السياسية لشتم العدو الإسرائيلي وسب أمريكا والغرب .. وهذا يكفي .. هذا تقريباً ملخص ما كتبه المبدع محمد الساعد مؤخراً.
وأضيف .. أن هناك دولة عربية مسلمة تستضيف قاعدة أمريكية وتصدر الغاز إلى أوروبا وأمريكا .. ودولة أخرى مسلمة تستضيف قواعد الناتو وتصدر البضائع والغذاء إلى إسرائيل وتقيم معها علاقات دبلوماسية كاملة وتصنع أحذية وبدل الجيش الإسرائيلي ويتدرب طياروه على أرضها .. ودولة عربية مسلمة أخرى يعلو ضجيج شعبها عادة بالنضال ما زالت تصدر الغاز لأوروبا التي تدعم إسرائيل بالمال والسلاح والمواقف السياسية.
هذه الدول مسكوت عنها جميعاً .. ولا تتعرض للشتم كما تتعرض له السعودية أو مصر أو الأردن أو الإمارات والبحرين والمغرب .. ولا أحد يطالبها بقطع النفط أو الغاز أو وقف تصدير البضائع أو حتى مجرد مطالبة أحدها بقطع العلاقات الدبلوماسية.
هل تعرفون لماذا ؟!
لأن هذه الدول ترفع الشعارات الخاوية من أي معنى .. وتتشدد في ( هروجها ) ضد العدو .. وتسمح لبغالها بالتراكض في الشارع ورفع الأعلام .. ثم الذهاب إلى النوم .. وفقط ..
أرأيتم كم النضال رخيص ؟!
أما من يقدم الأموال الهائلة الطائلة عبر الزمان لدعم القضية الفلسطينية ويعتبر الداعم الأول لها في العالم .. وأعني هنا السعودية .. ويلقي بثقله الديني والاقتصادي ويواصل الجهود الدبلوماسية ليل نهار ويجمع العالم العربي والإسلامي لإدانة الاحتلال وبحث سبل إيقاف العدوان وأخذ مجموعة من الخطوات بهذا الاتجاه .. ويخاطر بتنميته ومستقبل أبنائه ..وسبق وأن أروت دماء شهدائه أرض فلسطين .. فإنه مذموم مشتوم مغضوب عليه وغير مرغوب فيه ولا في جهوده وأعماله .. حتى من الفلسطينيين أنفسهم .. أما أمواله فأهلاً بها وسهلاً .. بل هل من مزيد ؟!
ومصر .. التي خاضت الحروب وضحت بعشرات الآلاف من فلذات أكبادها وخسرت أجزاء من أرضها وتهاوى اقتصادها ومازال يعاني إلى اليوم .. وعانت من إرهاب حماس في سيناء .. فهي مشتومة مذمومة أيضاً لأن رئيسها ليس أخوانياً .. هكذا ببساطة .. ولو كان أخوانياً وباع سيناء كلها لرضي عنه المناضلون الأبواق .. الذين قالوا إن السيسي يحاصر غزة ويمنع أهلها من الخروج إلى مصر .. ولو سمح الرئيس المصري بنزوح السكان إلى مصر لاتهمته نفس الأبواق المنافقة بأنه سمح بتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية خدمةً لإسرائيل.
أما ممكلة الأردن التي اغتال الفلسطينيون أحد ملوكها وعانت من حرب إيلول (الأبيض) وجنست الفلسطينيين المقيمين على أرضها ومنحتهم كامل الحقوق فإنها مشتومة أيضاً لأنهم يريدونها أن تحارب إسرائيل وأمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي لتخسر ما تبقى من أرضها بعد خسارة الضفة الغربية.
والإمارات والبحرين والمغرب تتلقى الشتم والسب من أناس مقيمين في دول عربية وإسلامية تقيم علاقات كاملة مع إسرائيل .. أو من مقيمين في ديار سايكس وبلفور بريطانيا .. وبيكو وشومان فرنسا .. وهاري ترومان أمريكا .. وعدنان مندريس تركيا .. ومحمد رضا بهلوي إيران .. وجوزيف ستالين الاتحاد السوفيتي .. والذين كانوا من أوائل المبشرين والموقعين على إقامة دولة إسرائيل .. أو من أؤلئك المقيمين في عواصم عربية تتحدث بالفارسية وتملي عليها إيران ماذا تقول .. ويا للعجب !
ولذا .. أقترح على وزارة الإعلام السعودية إنشاء قناة باسم ( هروج ) أو ( سوالف ) أو ( خرابيط ) ويكون جل وقتها مخصصاً للحديث عن القضية والنفخ في أديمها المهترئ والإشادة بأبطالها الهلاميين .. وجذب كل الأبواق الكذابين الشعاراتيين إليها .. وهم كثر ولله الحمد.
كما أقترح على وزارة المالية السعودية توجيه ربع الأموال التي تذهب لفلسطين لهذه القناة .. وإيقاف الثلاثة أرباع الأخرى وإبقاءها في خزينة الدولة.
وأقترح على الشعب السعودي الكريم استبدال لبس الشماغ الأحمر بلبس الشماغ الأبيض والأسود ( الكوفية الفلسطينية ).
دعونا نجرب .. فقد نسمع قصائد المدح وخطب الردح والتغني بنضالنا من الفلسطينيين أولاً قبل غيرهم .. وربما نجد صور قادتنا معلقة في شوارع غزة والضفة الغربية ويقيمون لهم التماثيل في ساحاتها .. وسنجد الخطاب العربي نحونا يتغير من القدح إلى المدح والشطح .. والشتم والسب ينقلب بقدرة قادر إلى قصائد غزلية .. لأن بعض العقول باختصار مغيبة جاهلة تصدق الشعارات وتؤمن بها ولا تعترف بالجهود على الأرض حتى لو رأتها بعينها .. وبعض النفوس حاقدة جاحدة ترى كل ما يُفعل على الأرض وتنكره لكنها لا تستطيع إنكار الأصوات والضجيج لأن بقية الدهماء يسمعونه وهي لا تريد خسارتهم.
أقول دعونا نجرب .. وإن كنت لا أضمن النتيجة .. لأن كل المعطيات وعبر التاريخ تقول بأن الهدف البعيد والأسمى والأخير لدى هؤلاء الحاقدين الأعداء الذين يتلبسون بالدين ويتظاهرون بالأخوة ويدَّعون النصح هو القضاء على المملكة العربية السعودية والقضاء على استقرارنا وأمننا ورفاهنا.
صالح جريبيع الزهراني
الأربعاء 15 نوفمبر 2023
جدة