خبائر الفئران تقع فيها الثيران !
كتبها .. صالح جريبيع الزهراني
يقول المثل .. خبائر الفئران تقع فيها الثيران .. وكم من ثيران وقعت فعلاً في خبائر فئران حماس .. وقبلها في خبائر حزب الزبالة في لبنان عام 2006 .
عندما تختطف عصابة مجرمة مرتهنة لقوى خارجية قرار دولتها وقرار شعبها مثلما يحدث من حزب الزبالة في لبنان والحوثي في اليمن وحماس في فلسطين فإن النتائج تكون وخيمة ؛ فالحرب لها شروطها واستعداداتها وظروفها وإمكاناتها وحاضنتها الشعبية .. وليست قراراً منفرداً نزقاً أحمق يشعل النار وهو غير قادر على إطفائها ويستعدي عدواً لا يملك له رداً ولا دفعاً ويفتح له ثغرة ليفتك بالناس ويضع الأبرياء العزل في وجه المدفع وهو غير قادر على حمايتهم ثم يحاول توريط بقية العالم في حماقته من أجل نصر زائف كاذب يداعب المشاعر المغيبة عن الواقع ويسجل بطولات وهمية تضمن استمرار حكمه بتدفق الأموال وامتلاك السلاح.
لقد اختطفت حماس غزة وسكانها منذ 2007 .. ونكلت بكل من ينتمي لفتح وسحلتهم في الشوراع وألقت بهم من فوق العمائر ورفضت كل مساعي الصلح مع حركة فتح الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني بما في ذلك محاولة الملك عبدالله رحمه الله عندما جمعهم في مكة المكرمة فخانت حماس عهودها في اليوم التالي واستمرت في تقسيم الفلسطينيين وتشتيت كلمتهم .. مقدمةً بذلك لإسرائيل خدمة جليلة لم تكن حتى تحلم بها .. ورغم هذا فقد حافظت إسرائيل على حماس محافظتها على حزب الزبالة في لبنان لأنهما مصدر جيد لإبداء مظلوميتها أمام العالم وجلب الأموال والأسلحة بما يرتكبانه من حماقات بين الفينة والأخرى .. ولكنها فيما يبدو غيرت موقفها مؤخراً .. فما الذي دفعها إلى ذلك .. وجعلها تتغافل عن عمليات حماس الحمقاء الأخيرة وتترك لها الحبل على الغارب في عملية طوفان الأقصى التي لن يصدق عاقل بأنها اختراق أمني يسجل لحماس ولن يكون من المصادفة وجود أناس من مختلف أنحاء العالم يحتفلون بالقرب من مسرح العمليات المستهدف وفي نفس التاريخ الذي تعرفه إسرائيل قبل غيرها.
هل يريد نتنياهو خلق ذريعة للدخول في حرب توحد الجبهة الإسرائيلية الداخلية بعد الشقاق العنيف مع خصومه .. وقد حصل ذلك فعلاً حين قبلت المعارضة المشاركة في حكومة طوارئ .. أم أن نتنياهو اليميني المتطرف يريد التخلص من الضغوط الأمريكية لقبول شروط السعودية في مسار السلام وأهمها إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية .. وصادف ذلك رغبة إيران هي الأخرى في تخريب عملية السلام عبر ذراعها حماس .. فابتلعت حماس وطهران الطعم بموافقة نتنياهو وتحت سمع وبصر مخابراته.
أم أن إسرائيل تريد ضم أراضي جديدة باجتياح غزة وتهجير سكانها لمصر وتصفية القضية الفلسطينية وفي الطريق تتخلص من حزب الزبالة وترضخ جميع المرتبطين بطهران وأولهم نظام الأسد وتفرض واقعاً جديداً في الشرق الأوسط كما صرح بذلك نتنياهو نفسه قبل ثلاثة أيام .. وقد هددت إسرائيل فعلاً بأن حزب الزبالة إذا تدخل فإنها ستقصف دمشق وليس بيروت .. وهي تتحرش حالياً بحزب الزبالة وتريده أن يدخل الحرب بأية وسيلة فيما يبدو.
أم أن القصد أكبر من هذا وتم إملاؤه على إسرائيل نفسها لاستهداف التواجد الروسي في المنطقة بدليل حضور البوارج الأمريكية والجسر الجوي للأسلحة والدعم غير المحدود من أوروبا .. رغم أن مواجهة حماس لا تستدعي كل ذلك .. وهل ستصبح المنطقة ساحة خلفية للصراع في أوكرانيا .. وقد صرح رئيس أوكرانيا الداعم لإسرائيل اليوم بأن الحرب العالمية الثالثة تقترب .. كما شعرت إيران بالخطر وتبرأت من أفعال حماس والتزم حزب الزبالة الحياد بالرغم من التحرشات الإسرائيلية وقبلها صرح بوتن بأن أمريكا إذا دخلت بجنودها لغزة فإن من حق روسيا دعم حماس بالأسلحة .. ومن هناك من أقصى الشرق صرح رئيس كوريا الشمالية بدعمه التام لحماس.
كل تلك الاحتمالات واردة .. وإن كنت أتمنى أن تكلل مساعي سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالنجاح لإطفاء نار الحرب وإيقاف حمام الدم ودرء هذه الفتنة قبل استفحالها ..
ولا أعجب إذ أعجب إلا من بعض الثيران من مدمني الشعارات والمنفصلين عن الواقع والأبواق الفارغة ومن تأخذهم العاطفة فينجرفون معها كالعميان فوقعوا في خبائر فئران حماس وطهران ويريدوننا أن نقع معهم بكل خبث وبلاهة.
إننا نعلم أن إسرائيل عدو مبين مجرم غاشم ومؤيد ومدعوم من كل قوى العالم المؤثرة .. وندرك أن الشعب الفلسطيني شعب مظلوم تم احتلال أرضه وقتل أبنائه وتهجيرهم .. ولكننا نرفض الانسياق وراء الحماقة .. وقد علمتنا الأيام وعلمنا التاريخ والأحداث أن هذه القضية أصبحت تلاك على كل لسان كاللبان .. يتاجر بها الساسة .. ويركبها القادة .. وتكال بموجبها الاتهامات والتخوين .. ويبرر لأجلها الفشل .. ويستشرف بها العاهر .. ويهان لأجلها الشريف .. ويستقوي بها الجبان .. ويرمى لأجلها الشجاع .. ويصول فيها الجاهل .. ويحتار في أمرها العاقل .. ويستقوي بها الظالم .. ويهدر لأجلها دم الضعيف .. وندرك أن الظروف الموضوعية لم تحن بعد .. وأولها أن يجمع الفلسطينيون أنفسهم كلمتهم ويكونون على قلب رجل واحد .. وأن يزيلوا عن قضيتهم الخبث من المتاجرين والطامعين .. وأن يكفوا الأيادي الأثيمة التي تمتد إليهم من الخارج باسم المحبة والنصرة .. بينما هي في الواقع تزايد على آلامهم وتعبث بجراحهم.
صالح جريبيع الزهراني
12 أكتوبر 2023
جدة