بقلم خليل القاضي
يشكل التراث الثقافي بكل مندرجاته مؤشراً على حضارة الدول وأداة للبناء عليه والمضي قدماً نحو المستقبل. وفي هذا الإطار، تدرك المملكة العربية السعودية أهمية التراث الثقافي كأداة لتحقيق التنمية المستدامة. وقد عملت المملكة على تسجيل مواقع تراثية أو حرف تقليدية ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، مما يتيح تطوير هذه المواقع والقطاعات بشكل مستدام؛ فتستفيد المجتمعات المحلية من العوائد الاقتصادية الناتجة عن السياحة الثقافية.
ولم تكتفِ المملكة بالاهتمام بالتراث المحلي، بل عملت أيضاً على حماية وصون التراث الإنساني المشترك. وفي هذا السياق، جاء الإعلان عن تعهد السعودية بالمساهمة بمبلغ 50 مليون يورو لترميم مركز بومبيدو في باريس، في إطار التعاون الثقافي بين المملكة وفرنسا. ومن الجدير بالذكر أن الإعلان عن المساهمة السعودية جاء خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الرياض.
وتشير المعلومات إلى أنه قد تم اتخاذ قرار بإغلاق المتحف الشهير للفن الحديث، والمعروف أيضاً باسم “بيوبورج” (Beaubourg)، والذي افتُتح عام 1977. وسيتم إغلاقه في صيف عام 2025 حتى عام 2030، وذلك لإنجاز أعمال إزالة مادة الأسبستوس وتجديده بشكل شامل من الأعلى إلى الأسفل.
وتُقدر تكلفة الترميم بـ 262 مليون يورو، لكنها لا تشمل الزيادة المحتملة في تكاليف التشغيل خلال هذه الفترة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التكلفة الإجمالية.
تُثبت المبادرة السعودية بالفعل أنها حامية للتراث العالمي، ومحافظة على الإرث الثقافي لشعوب العالم، وذلك انطلاقاً من فهم القيادة السعودية لأهمية حماية التراث الثقافي في تعزيز التنمية المستدامة للدول. كما تؤكد هذه المبادرة حرص المملكة على تعزيز الحوار بين الثقافات، بما ينعكس إيجاباً على الاستقرار والتنمية المستدامة في العالم.
وتأتي هذه الخطوة أيضاً في سياق رؤية 2030 التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، والتي بات واضحاً أنها ليست رؤية للنهوض بالسعودية فقط وتعزيز مكانتها العالمية، بل رؤية للنهوض بالعالم والعبور به نحو مستقبل أكثر إشراقاً