بقلم: ماريا معلوف
عمدت الإمارات في العقود التي تلت التأسيس قبل 52 عاماً، على وضع اسس البناء الصحيحة التي تركز على الرؤية الاستراتيجية لقيادتها منذ المغفور له الشيخ زايد آل نهيان الذي وضع نصب عينيه بناء الامارات بشراً وحجراً مستغلاً الخيرات التي توفرت لبلاده في إطار خلق إقتصاد مستدام ومتين، دون إغفال حماية البيئة وسط العمل بالطاقة البديلة، وهو النهج الذي مضى عليه قادة الإمارات وصولاً حالياً الى عهد رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد الذي وضع الرؤى الاستراتيجية المتكاملة التي تتوافق مع التطور التكنولوجي والتقني الذي شهدته البشرية، وسخره بفعل إرادته الصلبة من أجل خدمة الامارات ورؤيتها المستدامة للنهوض، وبناء إقتصاد غير معتمد على الطاقة البديلة وتحديداً النفط والغاز، بل ذهب بعيداً في هذا الإطار عبر التوجيه في توظيف العائدات المالية الناتجة عن الثروة النفطية في تعزيز اقتصاد المعرفة والاستثمار في الطاقة النظيفة والبديلة من أجل تعزيز الاستدامة، وبالتالي مواجهة التغير المناخي ذلك الخطر القاتل الذي يداهم البشرية.
فالإمارات أثبتت في كل مسيرتها على أن اولويتها هي الإنسان وتوفير الحياة الكريمة والصحية له ليس في الإمارات فقط وإنما في العالم، من هنا كانت التوجيهات من القيادة الرشيدة من أجل التطوير والاستفادة من كل التقنيات لاسيما المستدامة ، والعمل على نشر تلك التقنيات على أوسع نطاق، ما سيعزز ويطلق عجلات التنمية المستدامة.
والجدير ذكره أن الإمارات تتصدر الدول التي تستثمر في الطاقة المتجددة والنظيفة ، حتى أضحت النموذج العالمي الأكثر ريادة في تلك المجالات، وكيف لا تكون وهي أكثر دول العالم استثماراً في الطاقة المتجددة حيث تشير التقارير الدولية أن حجم الاستثمارات الإماراتية في الطاقة المتجددة والنظيفة تخطت الـــ 50 مليار دولار، شملت أكثر من 70 دولة في العالم، ولم تكتف بذلك بل تعهدت بزيادة الاستثمارات بمبلغ 50 مليار دولار أخرى توظف وتستثمر في قطاعات الطاقة النظيفة والمتجددة، حتى أنها منحت 1.5 مليار دولار كقروض ومساعدات للدول من أجل تعزيز استثمار أكثر من 30 دولة جزرية في الطاقة المتجددة.
والمتابع لحركة الإمارات تلك يجد انها اعتمدت وتبنت الأساليب الأكثر حداثة من أجل تعزيز الابتكار في التقنيات المتجددة والنظيفة، وذاك من خلال العمل على بناء البنى التحتية إضتفة الى القدرات البشرية، وقامت بإعطاء الأولوية لنشر ثقافة وإقتصاد المعرفة والتشجيع على الاستثمار في تلك القطاعات لا سيما تلك المرتبطة بالإبتكار وتأمين طاقة نظيفة ومستدامة.
وكل ما تقوم به الإمارات يأتي في سياق متصل وتجسيد للرؤية الاستراتيجية الإماراتية “الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي” وهي جزء من حملتها التي تحمل عنوان “استدامة وطنية”، والتي جرى إطلاقها لتتزامن مع إنعقاد مؤتمر”كوب28” في مدينة إكسبو دبي نهاية الشهر الحالي و حتى منتصف ديسمبر المقبل.
ولا يغيب عن ذهننا وذهن المتابع ان الإمارات تتولى قيادة الجهود العالمية من أجل خفض الإنبعاثات الكربونية وفي هذا الإطار أتت التحديثات على استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 وذلك من أجل رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بـ42 إلى 45 % مقارنة بسنة 2019، إضافة الى رفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى حد 3 أضعاف بحلول 2030، ما سيحقق وفرة مالية تصل الى 100 مليار درهم بحلول العام 2030، ولا ننسى زيادة الاستثمارات الاماراتية المحلية بين 150 إلى 200 مليار درهم حتى عام 2030 من أجل استدامة نمو اقتصاد الإمارات.
ولا بد لنا الإشارة الى أن الامارات تمتلك القدرة على إنتاج الطاقة الشمسية الأقل تكلفة في العالم، كما انها اول دولة خليجية تعتمد على الطاقة النووية السلمية لتوليد الكهرباء، وهي التي تسعى الى توسعة إنتاج الهيدروجين الأزرق من أجل دعم وخلق مصادر متنوعة للطاقة، وتجدر الإشارة ان مشاريع الامارات الصديقة للبيئة التي انجزت حتى الآن بلغت 11 مشروعاً بقيمة 159 مليار درهم، حتى نهاية العام الماضي، وفي سياق التعاون مع حلفائها وقعت الإمارات اتفاقاً مع كوريا الجنوبية لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة النظيفة وإنتاجها عبر تطويع الهيدروجين والأمونيا، كما وقعت مع فرنسا في تموز (يوليو) 2022 اتفاقية شراكة استراتيجية تشمل الاستثمار المباشر في أمن وكفاءة الطاقة والتقنيات النظيفة، وهنا يحضرني ان شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) تعتبر أسرع شركات الطاقة المتجددة نمواً في العالم، فهي متواجدة من خلال استثماراتها في أكثر من 40 دولة في القارات الستة.
إنها الإمارات دولة ابتكار الحلول الخلاقة على كافة الصعد.